ورقه الأصفر

mainThumb

09-09-2007 12:00 AM

العشّاق وحدهم يشتمّون رائحة الفصول، ويسمعون صوت مشي المواسم على تراب الطرق المألوفة..بالأمس شاهدت الصيف يمضي من أمام بيتنا تزفّه كل الستائر والكروم بالرقص والتلويح..كان مثل عجوز يجر عربة ثقيلة..لا يلتفت خلفه أو يكترث لسلام المارّين ، همه الوحيد أن يستجمع أنفاسه الحارّة من سهراتنا ويمضي ..

وقت الغروب اهتزّت دالية سافرة القطوف ، وسقط لقن مسنود الى الجدار ،تحرّك سلك الهاتف طليقاً كأرجوحة ، و نزلت ورقة من قلب الدالية فجأة مثل رسائل المحبّين ، حملتها بيدي وتذكّرت أغنية فيروز ورقه الأصفر شهر ايلول .. لقد بدأ الخريف باكراً هذه المرة ، بدأ فصل الشبابيك المغلقة ، والشوارع الخالية الاّ من جريدة قديمة تلتفّ حول نفسها محاولةً الطيران..وعلبة كولا فارغة تتدحرج بأمر ريحٍ عجولة..البيوت تنام باكراً وتضبط المنبه على توقيت المدارس ، بينما ياسمين الحي يقف ساهراً يتفرّج من فوق الاسيجة على ايلول الجديد،يراقب رقصه على الشبابيك والشرفات فيضحك زهراً أبيض حيناً وأصفر حيناً آخر .

أجمل أجمل ما في أيلول مزاجه المتقلب كمراهق غامض...

أرى أن تعاقب الفصول يريح أعصاب الشجر، مثلاً: عندما ينتهي الصيف تستريح أشجار العنب والتين والخوخ من الوقوف بثمارها أمام المشتهين، فتلم أوراقها وتريح أعصابها..يأتي دور أشجار الزيتون فتقف بثمارها مثل بائع متجول ، وبنهاية الموسم تلم أوراقها وغصونها وتريح أعصابها من جديد، فتقف شجرة البرتقال وهكذا...

الطبيعة ارحم منا على أنفسنا، لو نمارس دورة الفصول مرة واحدة في حياتنا ، نسقط ورقة النفاق ، ونزهر صدقاً أبيض ، نخلع حزننا ثوباً عتيقاً ونمضي من جديد...لو أن في أعمارنا ايلول واحداً نصدق فيه.



ahmedalzoubi@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد