الدولة المؤقتة هي الحل

mainThumb

25-08-2007 12:00 AM

منذ ثلاث سنوات ونحن نكرر أن الأفق السياسي الوحيد المتاح فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية هو برنامج الدولة المؤقتة الذي أسس شارون حزب كاديما من أجله ، قبل أن يغادر المسرح مسلماً الراية إلى أولمرت. وإذا أراد هذا الأخير تكريس وجود الحزب في الساحة السياسية فلا بد له من خطوة إلى الأمام على صعيد برنامجه السياسي الذي لا يعارضه حزب العمل أيضاً.
يوم الخميس قالت هآرتس إن البرنامج المذكور سيطرح على المؤتمر الدولي في الخريف ضمن اتفاق مبادىء ، وقالت إن قيادة السلطة قد سحبت معارضتها له ، الأمر الذي نفته هذه الأخيرة ، وهو نفي بلا قيمة في واقع الحال ، لأن من يطالب بالانسحاب من الأراضي المحتلة (عام 2002) ، أي تلك التي عادت إليها القوات الإسرائيلية إثر عملية السور الواقي لا يمكن أن يرفض انسحاباً أكبر قد يشمل كافة المناطق التي يتركها الجدار الأمني من الضفة ، لا سيما أن برنامجه يقوم على التفاوض مع وقف المقاومة ، بصرف النظر عن المدى الزمني والنتائج على الأرض. لا يعني ذلك أن الانسحاب المذكور سيتم بين شهر وآخر ، فالإسرائيليون يتحدثون عن اتفاق مبادىء على شاكلة أوسلو يجري تطبيقه على الأرض تبعاً للتعاون الأمني من قبل السلطة ، (التبادلية كما نتنياهو يسميها).
وإذا كان مسلسل أوسلو قد استغرق سبعة أعوام ، فلا بأس أن يستغرق المسلسل الجديد عامين أو ثلاثة تبعاً لقدرة القيادة الجديدة على ضبط الأمور ، لا سيما في قطاع غزة الذي ينبغي أن يعود الوضع فيه إلى ما كان عليه قبل الحسم العسكري الأخير.
هناك مقبلات إسرائيلية ستعرض في اتفاق المبادىء الجديد ، بحسب تقرير هآرتس ، على رأسها الممر الآمن الذي سيصل الضفة بالقطاع (سيكون جزءا من تبادل الأراضي بسعر أعلى،،) ، والذي يؤمّل أن يشجع أهل القطاع على الانقلاب على حكم حماس ، مع العلم أن ملامح برنامج الانقلاب قد بدأت تظهر ، وعودة محمد دحلان إلى رام الله هي البداية.
خلاصة البرنامج هي النزول إلى الشوارع بين يوم وآخر ، مع تركيز إعلامي يظهر القوة التنفيذية بوصفها قوة باطشة تقتل الناس في الشوارع وتعتقلهم (الحمد لله ، لم يصب أو يعتقل أي شخص بالأمس رغم عنف المسيرة) ، والنتيجة هي تغييب الأمن الذي توفر بعد الحسم العسكري ، مع استمرار برنامج الحصار المتدرج الذي يزيد في صعوبة حياة الناس من دون أن يخنقهم تماماً.
كل ذلك سيفرض على حماس إدارة أكثر عقلانية لموقف بالغ الصعوبة ، ولن يكون أمامها سوى الرد بذات الطريقة في الضفة الغربية ، أي النزول إلى الشوارع في مواجهة قمع السلطة ، مع العلم أن فتح تتحرك في غزة بحرية أكبر بكثير من تحرك حماس في الضفة ، حيث تعجز الحركة عن ترتيب أية فعالية سياسية أو دينية ، لكن الإعلام يمارس انحيازه هنا ، وإلا فأين هي وسائل الإعلام التي تشير إلى معتقلي حماس في السجون أو مؤسساتها المنكوبة؟ ،
بالعودة إلى مشروع الدولة المؤقتة ، بحسب ما كشفته هآرتس ، إذ تحضر في المشروع تفاصيل كثيرة هي من قبيل اللغو لأنها تتحدث عن المستقبل البعيد ، مثل بقاء الكتل الاستيطانية الثلاث وتبادل الأراضي وترتيب وضع القدس قريباً من صيغة كلينتون ، أو التعامل مع وضع اللاجئين بصيغة التعويض والعودة إلى أراضي السلطة ، وهي في العموم صيغ عرض أفضل منها في قمة كامب ديفيد عام 2000. هل ثمة فرصة لنجاح المشروع؟ كلا بالطبع ، ليس فقط لأن الفلسطينيين سيرفضون مشروع استسلام كهذا ، بل أيضاً لأن الفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان ، وتالياً في سياق ضرب إيران ، سيعيد الأوضاع إلى مربع التصعيد ، والأمة التي تهزم الإمبراطورية الأمريكية لن تستسلم لتابعتها العبرية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد