إهانة أمة ..

mainThumb

17-07-2008 12:00 AM

إنّ ما صدر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، يمثل ضرباً من ضروب الإهانة الموجهة إلى جموع الأمة العربية كلها شعوباً وأنظمة وزعماء ودول، وصفعة مضافة إلى صفعات كثيرة ومتعددة تمارسها دول الغطرسة والاستكبار.

كل ما حدث في العراق من قتل ما يزيد على مليوني إنسان، ووجود مليون أرملة وخمسة ملايين من الأيتام والمشردين وتدمير الجامعات والمعاهد العلمية، واغتيال العلماء وأساتذة الجامعات وسرقة بترول الشعب العراقي وتدمير بنيته التحتية، وتحطيم دولة وتشريد أمة، كل ذلك لم يحرك ضمير المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية ليطالب بالقبض على الرئيس بوش أو الرئيس بلير، أو قائد القوات العسكرية المحتلة الذي مارس حرب الإبادة، ولم ترمش عينه منكسرة أمام المجزرة الأخلاقية المروعة في سجن (أبو غريب) و (غوانتينامو)، وما حدث فيها من جرائم تعذيب مروعة بحق النساء والأطفال، بل إنّ المدعي العام يقف عاجزاً أمام المطالبة بأي جندي مجرم مارس القتل الجماعي للعائلات بعد ارتكاب جرائم الاغتصاب المعترف بها والموثقة في أغلب المدن العراقية المستباحة.

هل يمكن عقد مقارنة بين ما يحدث في السودان وما يحدث في فلسطين المحتلة على أيدي الصهاينة؟،وهل يمكن للمحكمة الدولية أن تعقد مقارنة بين ما يحدث في السودان، وما يحدث في العراق؟، وهل لدى المحكمة أعداد موثقة للجثث المجهولة الهوية في العراق التي قتلت عن طريق إطلاق رصاصة من الخلف على الرأس والأيدي مكبلة والعيون معصوبة؟.

هل المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية يعلم حقيقة عدد القنابل المحرمة دولياً التي أطلقها الجنود الصهاينة على جنوب لبنان؟، وهل يعلم المدعي العام أنّ أمريكا وإسرائيل استخدمت اليورانيوم المنضب في صناعة القنابل المستعملة في حربها على المدنيين العراقيين والفلسطينيين في السنوات القليلة السابقة؟.

لماذا هذه الازدواجية المريرة في النظر والتعامل، التي تثير الحقد والكراهية بين الأمم والشعوب، ولماذا هذا الإمعان في ممارسة أساليب متغطرسة تفوح منها رائحة التمييز العنصري في التعامل مع الأمة العربية دولاً وشعوباً.

نحن نعيش حقبة استعمارية جديدة، تضاف إلى سجل الغرب في ممارسته الاستعمارية البغيضة طوال قرن منصرم من الزمان، تقودها الدول نفسها التي ولدت من رحم الاستعمار والتسلط وسرقة الشعوب وامتصاص دمائها ونهب خيراتها.

إنّ هذه الحقبة الاستعمارية الجديدة تحتاج إلى يقظة شعبية جماهيرية عارمة، كما تحتاج إلى موقف عربي رسمي موحد، يرفض سياسة الابتزاز الاستعماري المتغطرس، ويرفض هذا النموذج من التعامل المهين، ويرفض سياسة ازدواجية المعايير، ويطلب محاكمة مجرمي الحرب في العراق وفلسطين، ويرفض التدخل الدولي في السودان وفي أي قطر عربي، ويعلن التضامن مع السودان شعباً ونظاماً.

إنّ موقف التضامن الموحد والمعلن، سوف يرفع من قيمة العرب أمام العالم أولاً، وأمام أنفسهم وشعوبهم ثانياً، وسوف يمثل هذا الموقف الجدار الأول أمام سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للأقطار العربية، وينبغي الابتعاد عن سياسة الشرذمة وعدم التخلي عن الزعماء العرب الذين يتعرضون لحملة تدخل خارجي وعدم تركهم يمارسون مصيرهم منفردين على مقولة: أكلت يوم أكل الثور الأبيض .

إنّ التضامن العربي غير المكلف في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية، يمثل المدخل نحو المستقبل الذي يجعل الدول العربية قادرة على حل المشاكل المستعصية في مجال الغذاء والماء والوقود والأيدي العاملة، والقفز عن مصيدة الفقر والتخلف المستعصية التي تنبئ بمصير محتوم إذا بقيت الأقطار العربية متشرذمة ومتفرقة./الرأي/  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد