الاستجابة للضغوط الداخلية معيار قوة ام ضعف?

mainThumb

19-07-2008 12:00 AM

وسائل الاعلام واستطلاعات الرأي اجهزة انذار مبكر لمعرفة الاتجاهات واعادة تقويم السياسات ...

تظهر الدول حساسية بالغة ازاء الضغوط الخارجية عليها, وتعتبرها تدخلاً في الشؤون الداخلية, بصرف النظر عن نوايا الخارج, وفي السنوات الاخيرة ابدت دول عربية عديدة ومن بينها الاردن تحفظها على دعوات الاصلاح الآتية من الخارج, رغم اقرارها بالحاجة للاصلاح.

هناك نوع آخر من الضغوط, هي الضغوط الداخلية على اصحاب القرار والحكومات لتعديل السياسات او تغيير المسؤولين وانتهاج اساليب جديدة ومتطورة في ادارة شؤون الحكم. في الدول الديمقراطية تلعب الضغوط الداخلية واتجاهات الرأي العام دوراً حاسماً في توجيه السياسات.

وتساهم وسائل الاعلام بشكل فعال في تأطير الآراء والاتجاهات وهي الى جانب استطلاعات الرأي تبعث انذارات مبكرة لاصحاب القرار حول مدى نجاعة السياسات المتبعة والمزاج الشعبي العام بحيث يستطيع المسؤولون اجراء مراجعة للسياسات العامة وتعديلها واعادة تقييم اداء المسؤولين اما لتعزيز مواقعهم او تبديلهم.

في عالمنا العربي المعادلة مقلوبة تماماً, فالمسؤولون يبدون مقاومة شديدة للضغوط الداخلية, ولا يقبلون اتخاذ القرارات تحت الضغط الشعبي ويعتبرون الاستجابة للرأي العام والمزاج الشعبي رضوخاً واستسلاماً, لكنهم في المقابل لا يترددون في قبول التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية وتنفيذ توصيات المؤسسات الاجنبية حتى وان كانت تتعارض مع المصالح الوطنية متذرعين بالضعف احياناً او بالحاجة الى المساعدات في احايين اخرى.

تجاهل الرأي العام واتجاهات الاغلبية فيه تعمق الفجوة بين الحكومات والشعب وتعزز مشاعر السلبية واللامبالاة لدى الناس عندما يشعرون ان اصحاب القرار لا يقيمون وزناً لرأيهم. في المقابل يتعزز الشعور بالانتماء الوطني عندما تلتقي السياسات العامة مع توجهات الرأي العام وتضيق الفجوة بين الحاكم والمحكوم, كلما التقت المصالح والاهداف.

وفي محطات كثيرة نجحت الحكومات في كسب تأييد واسع لانها استجابات لضغوط الرأي بينما خسرت اخرى ادارت ظهرها للناس.

التوافق الوطني بين مكونات الدولة يكتسب اهمية اضافية في حالة الازمات فعندما تواجه دولة مأزقاً اقتصادياً او اجتماعياً ينبغي عليها العمل باخلاص لكسب قلوب الناس قبل عقولهم والابتعاد عن اتخاذ اي خطوات او قرارات استفزازية لانها تضاعف من مشاعر النقمة وتكرس روح الكراهية للدولة.

الناس ليسوا اعداء لدولتهم والاستجابة لضغوطهم ومزاجهم دليل قوة لا ضعفا. الضعيف هو من يقبل شروط الخارج ويتجاهل مطالب الداخل./ العرب اليوم /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد