العجز مقلق وكذلك تراجع النمو

mainThumb

08-09-2009 12:00 AM

عجز الموازنة مقلق لكن ما هو مقلق كذلك هو تراجع النمو.

المتحمسون من المتبرعين لاطلاق الانذارات وإسداء النصح لحل هذا اللغز لم يأتوا بجديد ، لأن وزير المالية باسم السالم سبقهم الى ذلك بنحو خمسة أشهر عندما صرح عبر الرأي في نيسان الماضي وكان تسلم للتو حقيبة المالية الرأي العام بحقيقة الوضع المالي الصعب للمالية العامة مقدرا للعجز آنذاك أن يبلغ 1,1مليار دينار مع نهاية العام لكن الفرق هو أن وزارته بدأت منذاك مساعي معالجة الوضع المتردي للموازنة بينما انتظر الناصحون أشهرا لتجود قريحتهم بأفكار هي واردة أصلا في ذهن صانع السياسة المالية . هناك من يتبرع اليوم وفي شهر الموازنة التاسع لتقديم النصح والمشورة للحكومة ووزارة المالية، وفي ذلك لن نقول أن على المتبرعين اعطاء الفنيين والماليين فسحة لمعالجة الوضع الصعب، ومن ثم الحكم على النتائج ، بل عليهم تقديم كل رأي مفيد بدلا من الاستمرار في تكريس لعبة الجلد التي لا تغني ولا تسمن. ومع ذلك سنعود الى طرح أبجديات مللنا من تكرارها اذ كلما ذكر عجز الموازنة يتبارى محللون في اطلاق إنذارات من هول نتائج تفاقم العجز ويسعون لابتكار وسائل لضبطه، سرعان ما يتبين أنها ليست عملية وسرعان ما تكون أول هذه الوسائل هي ضبط الانفاق .

معروف أن الموازنة في جانب الانفاق قسمان ، الأول جاري والثاني رأسمالي ، بالنسبة للقسم الأول فهو أن يتضمن نفقات متكررة ( رواتب وأجور وصيانة ولوازم بما في ذلك نفقات السيارات الحكومية ) أما القسم الثاني فهي نفقات يفترض أن تكون موجهة لمشاريع رأسمالية تختص بالبنى التحتية والأبنية ومشاريع المياه وغيرها مما لا تتصف بالدورية والتكرار وتضاف تلك النفقات إلى قيمة الأصول الثابتة، ويفترض بها أن تكون انتاجية . مع يقيننا بأن النفقات الرأسمالية في الموازنات المتتالية تخلت بقدر لا بأس به عن أهدافها سابقة الذكر فسرعان ما تحول جزء كبير منها الى انفاق جاري ، الا أن الجزء المتبقي منها للأغراض الرأسمالية ضروري لتحريك النمو بحيث لا يمكن الاستغناء عنه بسهولة ، ما دام القطاع العام ما يزال يسيطر على أكثر 50% من الاقتصاد .. يلقي كثير من منتقدي ارتفاع النفقات الحكومية باللائمة على الانفاق الجاري وينعتونه بالبذخ فهل يمكن الاستغناء عن مبالغ منه ؟ ..

الاجابة معروفة، وقد باتت مكرورة لدرجة مملة، فما هو ممكن أن يتم تخفيضه من الانفاق الجاري أو ما يطلق عليه حكماء الاقتصاد بالبذخ محدود جدا الا اذا أراد الداعون الى خفضه الاستغناء عن الرواتب!!.

الموازنة في الأردن ليست موازنة معقدة بمعنى أنها ايراداتها معروفة المصادر كما أن نفقاتها كذلك، ومن هنا يكمن مبعث حيرة صانعها، فالخيارات محدودة جدا وهي لا تتوقع عناصر مفاجئة إن على صعيد الايرادات مثل ارتفاع أسعار برميل النفط لأن الأردن لا يصدر نفطا ، أم على صعيد الانفاق ، فالمشاريع الحيوية باتت تنفذ عبر شركاء دوليين لذلك فان ما يسمى بالانفاق الرأسمالي ، في الموازنة ، ما هو الا سداد لعجز تقع فيه النفقات الجارية . .

المفارقة أنه كلما علت وتيرة المطالبة بضبط البذخ الحكومي تذكر السيارات ، وتعلو المطالبة بتحديد استهلاكها للوقود والحد من حركتها ووقفها أو استبدالها بحافلات تقل المسؤولين مجموعين كل الى عمله، حتى باتت مثل هذه المطالب مكرورة لا تفيد الا المطالبين بها في حصد شعبية زائفة.

الراي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد