المتجدد من الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا

mainThumb

11-10-2016 02:31 PM

سؤال يدور بخلدي منذ أيام: هل عاد العالم إلى أيام الحرب الأمريكية الروسية الباردة بثوب جديد على ضوء المستجدات بين الدولتين في الآونة الأخيرة لاسيما فيما يتعلق بالوضع السوري وتبعاته؟  الأحداث المستجدة بين الدولتين والدائرة منذ فترة تؤكد بما لا يقطع مجالا للشك أن ثمة رحى حرب باردة تبزغ من جديد بين القطبين الأقوى عسكريا على الساحة العالمية هذه الأيام.  ثمة كثير من المعطيات التي تنبئ بهذه الحرب التي تنذر بدورها برجوع عالم ثنائي الأقطاب على خلاف كل الدعوات التي نشأت إبان انهيار الاتحاد السوفياتي، بعيد القطبية الأحادية التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية على رأسها، والسعي إلى عالم متعددة أقطابه حتى لا تنفرد دولة بعينها في قيادة العالم فكيف ذاك؟
 
أول ما ينبغي التنبه له تغريدة نشرتها السفارة الروسية في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام،وهي عبارة عن صورة لمنظومة صواريخ إس 300 المضادة للطيران الروسية، موجهة إلى المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، ما يشير إلى أن روسيا جازمة في حماية نفسها من أية تهديدات محتملة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حتى لو كانت موجهة إلى الأراضي السورية بالنظر للتواجد العسكري الروسي هناك لصالح النظام جويا وبريا وشحن المزيد من الأسلحة الفتاكة إلى الأراضي السورية لاستخدامها ضد القوى المعارضة للنظام. يأتي ذلك كله على ضوء نظر الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في سوريا عطفا على تصلب في الموقف الروسي غير معهود هذه الأيام فيما يتعلق بالتوصل إلى قرار يقضي بإيقاف العمليات العسكرية في حلب التي تتعرض لقصف روسي ومن قبل قوات النظام بشكل غير مسبوق.  وفيما يظهر على السطح الاتهام الروسيللأمريكيين بتحكمها بالمتطرفين في سوريا، من الواضح أن تغريدة الصاروختبين المدى الذي وصل إليه التدهور في العلاقات بين البلدين، بعد مضي أسابيع قليلة فحسبعلى انهيار وقف إطلاق النار في سوريا.
 
عملت روسيا أيضاً على مزيد من التصعيد مع الولايات المتحدة.  فقد أعادت الأسبوع الماضي فتح قواعدها في فيتنام وكوبا التي تبعد عشرات الكيلو مترات عن الشواطئ الأمريكية، وهو ما يذكر بأزمة الصواريخ الكوبية التي نشرها الاتحاد السوفياتي في كوبا في ستينيات القرن الماضي، وكادت أن تؤدي إلى حرب فتاكة بين العملاقين العالميين آنذاك.كما أنها والمقصود روسيا، صعدت من حملتها العسكرية في سوريا مؤخرا، وتحديدا ضد مدينة حلب في دعم غير مسبوق للنظام السوري، وهي من بين أول عمليتين يقوم بهما الجيش الروسيخارج الحدود الروسية، والذي صوت له الدوما بالسماح بالبقاء هناك لمدة غير معلومة، وتحصينه ديبلوماسيا ضد أية جرائم قد ترتكب هناك.
 
ومما يبرز الاختلافات الكبيرة في المواقف بين الطرفين، الأنباء التي تسربت حول تحريك روسيا لصاروخ عابر للقارات بإمكانهحمل رؤوس نووية إلى كالينغراد، حيث الحدود التي تربط بين روسيا من جهةوبين بولندا وليتوانيا من جهة أخرى، وهما عضوان في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، هذا علاوة على اتهام واشنطن لموسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية من خلال مسئوليتها عن الهجمات الإلكترونية التي تعرض لها الحزب الديمقراطي، أحد الحزبيين الرئيسين الذي يتولى أحد مرشحيهما قيادة الولايات المتحدة في حالة الفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجري كل أربع سنوات.
 
من بوادر استفحال بداية حرب باردة جديدة بين القوتين الكبيرتين التهديد الروسيبتعليق الاتفاقية  التي قعدت بين الجانبين الروسي والأمريكي في عام 2000 حولتقليل إنتاج البلوتونيوم بكميات عسكرية،  إلى حين إيقاف أمريكاللعقوبات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي اتخذتهاضد روسيا، يضاف إلى ذلك انتقال الخلاف بين الدولتين إلى أروقة مجلس الأمن، حيث مارست روسيا حق النقض الفيتو فيما يتعلق بمشروع قرار فرنسي لإيقاف القصف على حلب، والذي حظي بتأييد إحدى عشرة دولة، وهو ما قضى على كل أمل في التوصل العاجل لقرار أممي بشأن حلب والوضع في سوريا على الأقل في المنظور القريب، والأيام القادمة ستكون حبلى بما سيؤدي إليه الوضع بين الدولتين إن لم يتم تدارك مزيد من المفاجئات في الوقت المناسب.
 
 
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد