صحيفة السوسنة الأردنية

   اعلم بأنني بعد كتابة هذا المقال سيتم اتهامي بالدفاع عن الدولة ، وإنني ضد الإصلاح ، وقائمة طويلة من التهم التي لو قدر لأصحابها معاقبتي لأرسلوني خلف الشمس ، ولكنني ومن باب حرية الرأي والتعبير التي يطالب بها الجميع هذه الأيام ، ويرفضون أي قيد عليها ارتأيت إن أدلي بدلوي فيها ، حتى لو تم وضعي في القائمة السوداء ، ارتباطاً بما شاهدناه في مصر ، بان أي شخص ضد الثورة يتم وضع اسمه في القائمة السوداء ، مع المطالبة بمقاطعته ، وكان الثورة تذبح نفسها قبل إن تبدأ ، وتمارس ما كانت تنتقده في عهد الرئيس السابق من قمع للحريات ، وعلى مبدأ من ليس معي فهو ضدي .

   لفت انتباهي خلال المسيرات والاعتصامات الأخيرة في المملكة ، أن هذه الفعاليات خرجت في معظمها دون الحصول على موافقات الجهات المختصة ، كما ولفت انتباهي أكثر ما يطالب به البعض من تعديل قانون الاجتماعات ، بحيث يقتصر دون الجهات المختصة على العلم بالفعالية أو الاحتفال دون ان يكون بإمكانها الرفض أو الموافقة على ذلك ، واعتقد بان ذلك يشكل خروجاً على الديمقراطية والحرية ، فالحرية مسؤولية وأمانة وليست انفلات ، وبالتالي فما هي الضوابط على هذه الممارسات والفعاليات ، التي قد تستغل أي مناسبة أو حادثة داخلياً أو في أي موقع في العالم للاستمرار في فعاليات تعبر عن رأي فئة معينة تدعي احتكار الحقيقة ولا تقبل الرأي الأخر ، وتقوم بتعطيل مصالح الناس وقطع الطرق عليهم بحجة الديمقراطية ، وكل ذلك إماما الدولة التي تمثل النظام والقانون ، وكان الأمر تحدياً لهيبة وسلطة الدولة ، وراحة المواطنين .

    في بريطانيا تم تخصيص ساحة معروفة لمثل هذه الممارسات بحيث أن أي فعاليات لا تعيق سير الحياة الطبيعية ، ولا تجبر الناس العاديين على السير في مسيرات واعتصامات تخالف قناعاتهم ، نتيجة مرور هذه المسيرة أو الاعتصام في منطقة حيوية ، يضطر الشخص معها لمسايرة هذه الفعالية للخروج منها بأقل الخسائر .

   الديمقراطية تعني الانضباط ، وتعني قبول الرأي الأخر ولا تعني الانفلات ومحاولة الضغط باتجاه تفصيل قوانين تخدم فئات دون غيرها ، وصدقوني أن الأغلبية ممن التقيتهم مؤخراً كان لهم رأي مخالف في موضوع الفعاليات على الساحة الأردنية ، والتي وصلت إلى مرحلة قد تؤدي إلى فقدان التعاطف مع الشعارات المطروحة ، والدفع باتجاه فتن نحن بغنى عنها .