صحيفة السوسنة الأردنية

اختتم المؤتمر والمعرض السادس لاتحاد المياه العالمي لإدارة وكفاءة استخدام المياه لعام 2011، أعماله وفعالياته التي تواصلت على مدى خمسة أيام، يوم السبت الموافق الثاني من شهر نيسان الحالي، بمشاركة دولية واسعة لما يزيد عن 618 شخصية من مسؤولين حكوميين، وممثلي شركات عالمية ومحلية متخصصة في مجال إدارة المياه، من 32 دولة حول العالم، إلى جانب ممثلي من وسائل الإعلام المختلفة.

وخلص المشاركون في ختام المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات التي كان أهمها: ضرورة دعم برامج كفاءة إستخدام المياه في المناطق الفقيرة وإيجاد التمويل اللازم، وضرورة إعداد وإطلاق الاستراتيجيات لتفعيل دور الجمهور والتواصل مع المستهلكين لتشجيع رفع كفاءة إدارة واستخدام المياه،  والتركيز على التدريب للعاملين في قطاع المياه من مختلف المستويات، والقطاعات ذات العلاقة، واعتماده كأحد الحلول الفاعلة لرفع كفاءة استخدام المياه، والتأكيد على أهمية استخدام أدوات التنبؤ وتقدير الوفورات المائية المحتملة والمتحققة من برامج رفع كفاءة إدارة واستخدام المياه. كما ركزت التوصيات على ضرورة تطوير وتحسين إدارة الفاقد المائي لتخفيض نسبه، وإدارة الطلب على المياه بفعالية أكبر خاصةً في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، علاوةً على التركيز على وجوب تطوير وتطبيق السياسات والمعايير المتعلقة بمهنة ومنتجات السباكة وأنابيب المياه من أجل رفع كفاءة الاستخدام.

وفي يومه الأخير، اختتمت المهندسة ميسون الزعبي، الأمين العام لوزارة المياه والري الأردنية، المؤتمر جلسته النهائية بتوجيه الشكر لوكالة USAID والاتحاد العالمي للمياه على دعمهم لوزارة المياه والري في الأردن، وعلى جهودهم التي أسهمت في تنظيم وإنجاح هذا الحدث الهام، كما وجهت الشكر لداعمي المؤتمر وللحاضرين والمشاركين في المعرض ولوسائل الإعلام والزوار، معربةً عن سعادة وفخر الأردن والوزارة لاستضافة المؤتمر واستضافة نخبة من الخبراء العالميين في قطاع المياه تحت سقف واحد لتبادل الخبرات واستعراض التجارب الناجحة، من أجل التوصل لحلول بديلة ومبتكرة وصياغة استراتيجيات وبرامج فاعلة لتضييق الفجوة بين العرض والطلب في القطاع المائي، وإدارة المصادر المتاحة منه، ورفع كفاءة استخدامها، وذلك في ظل التحديات المائية الحالية الناجمة عن التغيرات المناخية والجفاف وندرة المياه.
 
هذا وأعلنت المهندسة الزعبي عن عزم الأردن على إطلاق ثلاث مبادرات هامة لتحسين الواقع المائي وضمان أمن المياه في البلاد؛ حيث سيتم بدء العمل على مشروعي تحالف الأعمال الأردني للمياه، ومجموعة موارد المياه، بهدف تنفيذ مشاريع مائية مستدامة ذات جدوى اقتصادية واجتماعية وبيئية، تعمل على تنمية المجتمعات وتضمن أمنها، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص وبتكلفة أقل. فضلاً عن وضع حجر الأساس لإطلاق مشروع إقليمي مشترك بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، والبنك الدولي، ووكالة ناسا NASA بهدف استخدام أحدث تكنولوجيات وتقنيات الاستشعار عن بعد لتوفير معلومات موثوقة عن الأنماط الحالية لاستخدامات المياه في القطاع الزراعي في المملكة، بما يسهل عملية اتخاذ القرارات ووضع السياسات المتعلقة بهذا الشأن. هذا وستعمل وزارة المياه والري الأردنية على إطلاق "صندوق المياه الوطنى لتنمية المجتمع " الهادف لتحسين نوعية الحياة فى المناطق الريفية الفقيرة.

وكانت سمو الأميرة سمية بنت الحسن قد ألقت كلمة في الجلسة الصباحية اعتبرت خلالها التحديات المائية الحالية بمثابة فرصة مهمة للتغيير، وعامل موحد للجهود الوطنية، والإقليمية، والدولية، لإدارة مصادر المياه بشكل أفضل، وعادل، ومتساوٍ. وأكدت سموها بأن هذه الجهود ستسهم في وضع مشكلة المياه في قائمة أولويات الأجندات المحلية، والعالمية، مسلطةً الضوء على الحاجة الماسة لتكثيف جهود الجميع من علماء، ومهندسين، وصناعيين، وفنيين وصناع قرار، للمشاركة في معالجة موضوع "المساواة في تخصيص الموارد الأساسية للحياة، والمصادر المعززة لها" لكافة المواطنين، وتحسين مجالات البيئة ونوعية الحياة، من خلال التوصل للطرق المثلى لإدارة المياه، وإيجاد سياسات مناسبة لذلك. واختتمت بقولها: "إما أن نغرق معاً أو أن نسبح معاً".

وكان قد افتتح المؤتمر مندوباً عن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، سمو الأمير فيصل بن الحسين، بحضور سمو الأميرة سمية بنت الحسن، تحت عنوان "إدارة الطلب على المياه: التحديات والفرص." وقد أقيم المؤتمر للمرة الأولى في الأردن في فندق كمبينسكي عشتار البحر الميت، بتنظيم من وزارة المياه والري في الأردن، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، والاتحاد العالمي للمياه، لإلقاء الضوء على أهم التحديات المائية في العالم، وإيجاد نموذج مميز يحدث نقلة نوعية في إدارة المياه، ومواجهة هذه التحديات من خلال تسهيل تبني نهج الإدارة المتكاملة للتزويد والطلب على المياه ورفع كفاءة الاستخدام.

وتضمن المؤتمر العديد من الجلسات الفنية وورش العمل التي تناولت مجموعة من أهم المواضيع المتعلقة بإدارة المياه وكفاءة استخدامها في الدول النامية والمتقدمة، شكلت في مضمونها فرصةً مهمةً للحاضرين والخبراء في القطاع المائي لتبادل وجهات النظر حول تجاربهم في مجال إدارة المياه، واستعراض أفضل الممارسات وأحدث التقنيات التي تعزز كفاءة إدارة واستخدام المياه.

وقد أوضح سمو الأمير فيصل بن الحسين، خلال كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية أهمية اختيار الأردن لاحتضان المؤتمر، مؤكداً على ظهور تحدٍ عالمي جديد يتمثل في اتساع الفجوة بين الطلب على المياه ومحدودية الموارد المتاحة، ومعرباً عن أمله بأن يحقق المؤتمر الأهداف المرجوة منه لتوحيد الجهود للحد من التحديات المائية على مستوى العالم ومعالجتها، من خلال الشروع بأنشطة فاعلة في المنطقة، تدمج مفاهيم إدارة الطلب على المياه  وممارساتها الفضلى.

ومن جانبه شدد معالي المهندس محمد النجار، وزير المياه والري الأردني على عدم إمكانية تحقيق الازدهار في أي مجتمع، وتنمية اقتصادياته وضمان استقراره، دون ضمان توفر المياه والوصول السهل إليها، فيما أوضح الدكتور "غلين دياجر" Glen Daigger، رئيس الاتحاد العالمي للمياه، خلال كلمته بأن العوائق الحقيقية لا تكمن في نقص المصادر المائية، بل في ممارسات إدارة المياه غير الفاعلة التي تقوم بها الدول. هذا وتحدثت السيدة دانا منصوري، ممثلة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID بالإنابة، حول بعض الفعاليات والأنشطة التي تنفذها الوكالة للإسهام في دعم إدارة المياه في الأردن وجميع دول العالم.

وناقش المشاركون خلال الجلسات الفنية وورشات العمل ضمن اليوم الأول من المؤتمر العديد من المواضيع الحيوية، والتي تضمنت السياسات المائية والتخطيط على المستوى الوطني، وإعادة استخدام المياه الرمادية، والتغيرات المناخية ورفع الكفاءة، والسياسات والتشريعات المائية، والتكرير وإعادة الاستخدام، وكفاءة استخدام المياه في قطاع الزراعة، والتغيير في أنماط السلوك الاستهلاكي، إلى جانب عرض دراسة حالات من الأردن، وسوريا، والمملكة العربية السعودية، وسويسرا، واليابان، وقبرص، والسويد.

وشهد اليوم الثاني للمؤتمر عقد ثلاث جلسات فنية رئيسة تخللها العديد من المحاور والنقاشات وورشات العمل، التي غطت مواضيع إدارة الجفاف والتخطيط لحالات الطوارئ، وفاقد المياه والميزان المائي، متضمنةً أوراق عمل ودراسات حالة لتجارب من دول أوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا، وأستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية. ونتج عن ورشات عمل اليوم الثاني مجموعة من التوصيات التي تسهم في مساندة دوائر الاتصال المؤسسي في الشركات لتبني أفضل الممارسات الإدارية في مجال الاتصال الاستراتيجي، ومنحها مصفوفة من الأدوات الفعالة لتقييم الكفاءة.

كما شهد اليوم الثاني اجتماعاً لممثلين عن القطاع الحكومي، من بينهم عطوفة المهندسة ميسون الزعبي، أمين عام وزارة المياه والري الأردنية، وهيئات القطاع الخاص، والمنظمات غير الربحية، ووكالات التنمية، وأعضاء من المؤسسات الأكاديمية، ضمن غداء عمل حمل عنوان: "مسارات تعاونية من أجل مستقبل مائي آمن"، لمناقشة دور الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني في إحداث التغيير المطلوب فيما يتعلق بممارسات إدارة المياه وكفاءة استخدامها في الأردن، والتحاور في إمكانية تفعيل دور القطاع الخاص في عملية تمويل مشاريع كفاءة المياه.

ومما يذكر بأنه قد أقيم على هامش المؤتمر معرضاً هدف للتعرف على أحدث الحلول والخدمات والتقنيات المبتكرة لرفع كفاءة إدارة واستخدام المياه، والمقدمة من قبل مجموعة العارضين المشاركين من الشركات العالمية والمحلية المختصة في هذا المجال. كما تم تنظيم جولات ميدانية إلى عدد من المناطق السياحية والتاريخية، ومشاريع إدارة المياه المتميزة المتنوعة في الأردن.