المُطالبةُ بالحُقوقِ ثقافةٌ وَمسؤوليةٌ

mainThumb

17-08-2020 02:15 AM

إنَّ صيَانةَ الحُقوقِ وَحمايتَها من أهمِّ المَعاييرِ التي يُقاسُ بها تقدُمُ الدّولِ وتطورُها، والُمطالبةُ بالحُقوقِ سُلوكٌ صَحيحٌ وثقافةٌ ضروريةٌ، طَالما أنَّ الغايةَ منها هو تحقيقُ هدفٍ مشروعٍ يتمُ بطريقةٍ حَضاريةٍ تكونُ الوَسائلُ المُستخدمةُ للوصولِ إليها مَحكومةً بإطارٍ وَطني يُحافظُ على هَيبةِ الدَّولةِ، بعيداً عن العَبثيةِ التي تقودُها و تحرِّكُها أصابعُ خفيةٌ، وقوى غيرُ وطنيةٍ لا تريدُ لنا الخيرَ ، يسعى أصحَابُها للحُصولِ على مَنافعَ رَخيصةٍ وَتحقيقِ مَصالحَ ذاتيةٍ ومَطامعَ شخصيةٍ من خلالِ تبني أجنداتٍ مَشبوهةٍ متناسينَ المَصلحةَ الوَطنيةَ العُليا توجههُم أنانيتُهم غيرَ آبهينَ بما قد يلحقُ بالدَّولةِ من ضررٍ أو ما قد يتعرضُ له أصحابُ الحُقوقِ من أذى.
الكلُّ يعلمُ أنَّ الحُقوقَ المَشروعةَ قد كَفلهَا الدُّستور ، والمُطالبةَ بها حقٌّ للجميعِ، ويجبُ عدمَ المساسِ بها وهذا ما تؤكدُه كلٌّ التشريعاتِ والقوانينِ والأنظمةِ، ولا يجوزُ مصادرةَ هذا الحقِّ او التضييقِ عليه بأي حَالٍ من الأحوال، وعلى الجانبِ الآخر فإنَّه ليس من حقِّ ايِّ جهةٍ أن تتعسفَ في استخدامِ هذا الحقِّ وَتجاوزِ المساحةِ الممنوحةِ لها مع ضرورةِ وعيها بأنَّ المطالبةَ في الحُقوقِ لا يعني التخلي عن الوَاجبِ لأنه التزامٌ اخلاقيٌ لا يجوزُ التهرُّبُ منه مَهما كانت االأسباب.
ليسَ من المُبالغةِ في شيءٍ القولُ بأننا لا تنقصُنا هَذه الثقافةُ وهذا ما يشهدُ به لنا الجميع ،إلا أننا نغفلُ في كثيرٍ من الأحيانِ عن اختيارِ التوقيت المناسب مما ينعكسُ سلباً على شرعيةِ المُطالباتِ حيثُ أنَّ التوقيتَ المُناسبَ للمُطالبةِ بالحُقوقِ يُعتبرُ من أهمِ عَناصرِ ومُقوماتِ النجَاح .
وفي الوقتِ الذي تتمُّ فيه المُطالبةُ بالحقوقِ يجب أن لا نكون معزولينَ عن مُحيطِنا فالأستيعابُ الشاملُ لما يمرُّ به بلدُنا من ظروفٍ صعبةٍ داخلياً واقليمياً أمرٌ في غايةِ الأهميَّةِ وإنَّ أيَّ تصرفٍ غيرِ محسوبٍ قد يٌعطى الفرصةَ للحاقدينَ ليُوجهوا سِهامَهم المسمومةَ الى صدرِ الوَطنِ من خلالِ وسائلِ التواصلِ الإجتماعي التي اصبحتْ سلاحاً فتاكاً يستخدمُها البعضُ ضدَّ وطنهِ بقصدٍ او دون قصدٍ والتي يجبُ على الإعلامِ الوطني بكافةِ اشكالهِ أن يتعاملَ مع هذه الظاهرةِ الخطيرةِ بكلِّ جديّةٍ.
وفي هذا الإطار فإننا ندركُ أنَّ بلدَنا لا يخلو من السَلبياتِ، حالُه حالَ الكثيرِ من الدّولِ ولكنَّنا افضلُ حالاً من كثيرِ من الدّول التي تتشابه معها ظروفُنا، فلماذا يتخذُ البعضُ من الصورةِ السلبيةِ منهجاً ؟ ويعملُ ويجاهِدُ من أجلِ إبرازها والمبالغةِ في طرحِها، في حين أنَّه من الأولى أن يتمَّ التركيزُ على الإيجابياتِ وهي كثيرةٌـ وأن يتمَّ تبني كلَّ قصةِ نجاحٍ باعتبارها حالةً يجبُ تعميمَها وتعميقَها، لا أن يُنظرَ اليها بالعينِ الناقدةِ ويتمَّ التعاملَ مَعها بالتشكيكِ بهدفِ تقزيمها والتقليلِ من شأنِهَا.
من جَانبٍ آخرَ فإنَّ أهمَّ واجباتِ المُواطنِ هو أن يكون انتماؤُه للوطنِ اولاً وآخراً ، وأن يُترجَمَ هذا الانتماءُ بالممارسةِ الفعليةِ بكافةِ اشكالِها الأمنيةِ والأجتماعيةِ والأقتصاديةِ والسياسيَّةِ بحيثُ يتمُّ تغليبَ المصلحةَ العامةِ على كلّ شيءٍ، ولا سيّما في هذه الظروفِ التي يمرُّ بها العالمُ ولم يعدْ لدينا خيارٌ سوى الإعتمادِ على انفسِنا من خلالِ االعَملِ الجادِّ والمُستدامِ وتقويةِ الجبهةِ الدّاخليةِ وتحصينِها وذلك من خلالِ التماسكِ ما بين الشعبِ الأردني بكلِّ مكوناتِه والإلتفافِ حولَ قيادتِنا الهاشميةِ الفذةِ ليبفى الوطنُ فوياً معافى قادراً على مواجهةِ التحدياتِ الوَطنيةِ والإقليميَّة.

ما أحوجنا اليومَ لأن نشمّرَ عن سواعدِنا من أجلِ تحقيقِ حياةٍ أفضل للمواطنِ الأردني، وتأمينِ مستقبلٍ زاهرٍ للأجيال القادمة، ننهضُ بالوطنِ كي يبقى قوياً ومتماسكاً وآمناً وهو ما يقودُه ويوجهُه سيّدي صاحبُ الجلالةِ الملكِ المفدّى عبد الله الثاني حَفظه اللهُ وأعز َّملكه.


حَـفــــظَ اللهُ الوَطــــــــنَ وقائــــــــــدَه وشعبـَـــــــه
دبي – دولة الامارات العربية المتحدة
Masadeh _1965 @ yaoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد