صحيفة السوسنة الأردنية

السوسنة - مرّت الخرائط بالعديد من الأشكال والتّقسيمات والتّعديلات إلى أن وصلت إلى شكلها اليوم، فكلّ جغرافيّ كان لديه وجهة نظر في رسم خرائط العالم، وله منظوره الخاص في ذلك، وخارطة بيتر وخارطة مركاتور مثال على ذلك، يشرح مات روزنبرغ (جغرافي وحائز على جائزة الجغرافيّ المحترف ومؤلف كتابين عن الجغرافيا) الاختلاف بينها.

 

• خريطة أرنو بيتر :

دعا المؤرّخ الألمانيّ والصّحفيّ أرنو بيتر في مؤتمر صحفيّ في عام 1973 للإعلان عن منظوره الجديد للخرائط ، والذي عالج كلّ بلد بشكل عادل من خلال تمثيل المناطق بدقّة. استخدمت خريطة بيتر نظام إحداثيات مستطيل يظهر خطوط متوازية من خطوط الطّول والعرض.

من خلال مهارة التّسويق، زعم أرنو بيتر أنّ خريطته تظهر بشكل أكثر عدالة بلدان العالم الثّالث من خريطة مركاتور الشّعبيّة، التي تشوّه وتوسّع بشكل كبير حجم الدّول الأوروبيّة والآسيويّة، مع أنّ خريطته تشوّه شكل الأرض.

 

كان مؤيدوا خريطة بيتر صاخبين وطالبوا المنظّمات بالانتقال إلى الخريطة الجديدة "الأكثر عدلاً" في العالم، حتّى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدأ في استخدام توقعات بيتر في خرائطه، لكن شعبية بيتر ربّما كانت بسبب نقص المعرفة حول رسم الخرائط الأساسيّة، واليوم تستخدم منظّمات قليلة نسبيًّا خريطته.

 

يزعم مؤيدو خريطة بيتر أنّ خريطتهم وجهة نظر جيّدة وعادلة وغير عنصريّة للعالم، لأنّهم يقارنون خريطتهم بخريطة مركاتور، لسوء الحظّ، يتّفق الجغرافيون ورسّاموا الخرائط على أنّ خريطة بيتر لا تعدّ مناسبة للاستخدام كخريطة لكوكب الأرض، كلتا الخريطتين هي إسقاطات مستطيلة وتمثيلات ضعيفة للكوكب.

 

اختار بيتر مقارنة خريطته غريبة المظهر بخريطة ميركاتور لأنّه عرف أنّها كانت خريطة غير ملائمة للأرض، يزعم المدافعون عن خريطة بيتر أنّ خريطة ميركاتور تشوّه حجم البلدان والقارّات في نصف الكرة الشّماليّ، ويبدو فيها أنّ مكانًا مثل جرينلاند هو نفس حجم أفريقيا، ومع ذلك فإنّ مساحة اليابسة في أفريقيا أكبر بأربع عشرة مرّة. هذه الادعاءات صحيحة بكلّ تأكيد.

لم يكن القصد من خريطة مركاتور أن تستخدم كخريطة حائط، وبحلول الوقت الذي بدأ بيتر يشتكي فيه، كانت خريطة مركاتور في طريقها للتّوقّف عن الاستخدام.

 

• خريطة مركاتور :

تمّ تطوير منظور مركاتور في عام 1569 بواسطة جيراردوس مركاتور كأداة ملاحة، وكما هو الحال مع خريطة بيتر، فإنّ الشّبكة مستطيلة وخطوط العرض وخطوط الطول كلّها متوازية. تمّ تصميم خريطة ميركاتور كمساعدة للملّاحين حيث أنّ الخطوط المستقيمة على إسقاط ميركاتور هي خطوط من البوصلة الثّابتة  أيّ تمثّل الاتجاه الحقيقي.

 

إذا أراد أحد الملّاحين الإبحار من إسبانيا إلى جزر الهند الغربيّة ، فكلّ ما يجب عليه فعله هو رسم خطّ بين النّقطتين ويعرف الملّاح أيّ اتجاه سيبحر فيه باستمرار للوصول إلى وجهته.

 

لطالما كانت خريطة مركاتور إسقاطًا ضعيفًا لخريطة العالم ، ولكن نظرًا لشكلها المستطيل الجغرافي، وجد النّاشرون الأمّيون جغرافيًا أنّها مفيدة لخرائط الجدار، وخرائط الأطلس، والخرائط في الكتب والصحف التي ينشرها غير الجغرافيين. 

 

أصبح إسقاط ميركاتور هو الخريطة القياسيّة في الخريطة الذّهنيّة لمعظم الغربيين، يناقش مؤيّدوا بيتر أنّ خريطة ميركاتور (استعماريّة) لأنّها تجعل أوروبا تبدو أكبر بكثير ممّا هي في الواقع على الكرة الأرضيّة.