فعاليات مدنية تطالب بطرح التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي

mainThumb

22-09-2011 03:04 PM

شارك العشرات من ممثلي منظمات المجتمع المدني والنقابات والفعاليات الشبابية والنسائية والإعلامية في محافظات الكرك والطفيلة ومعان، في الندوة التي أقامها معهد بصر لدراسات المجتمع المدني يوم الأربعاء في محافظة الكرك والتي جاءت تحت عنوان (حوار المجتمع المدني حول القوانين المؤقتة) .


ورعى الندوة رئيس جامعة مؤتة الدكتور عبد الرحيم الحنيطي، حيث أثار في كلمته موضوع تعاقب الحكومات على إصدار المئات من القوانين المؤقتة، والتي جاءت في ظروف لا تتسم بالاستثنائية ولا بالحاجة الملحة لإصدار هذه القوانين .


من جهته تحدث ممثل رئيس الجامعة، الدكتور مصلح الصرايرة، عميد كلية الحقوق، عن التجاوز الذي حصل على مبدأ الفصل بين السلطات حين أصبحت السلطة التنفيذية هي التي تصدر وتنفذ التشريعات، متغولة في ذلك على مبدأ المشروعية، ومستغلة قصر الفترة الزمنية للدورة البرلمانية وتراكم العشرات من القوانين على جدول أعمالها والتي لها صفة الاستعجال.


فيما استعرضت الدكتورة مي الطاهر، مديرة معهد بصر لدراسات المجتمع المدني، تطور سياق المطالبات الشعبية بالاصلاح، والتي بدأت بمطالبات بتحسين مستويات المعيشة وتخفيض الأسعار، وتسارعت وتيرتها بصعود نوعية المطالب لتطرق الاصلاحات التشريعية والدستورية، فوصلت الى التساؤل عن مدى مشروعية ودستورية القوانين المؤقتة السارية، والذي ظهر ولأول مرة مع بداية العام الحالي على لسان خبراء القانون، ثم تطور ليصبح موضوعا مطروحا من قبل اعضاء مجلسي النواب والأعيان، مشيرة الى أهمية ترسيخ هذا الحراك بين المجتمع المدني نفسه.


وقدم في الجلسة الأولى المحامي حسين العتيبي، رئيس جمعية المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، قراءة في الدستور الأردني وصفاته ولغته واتجاهاته، مشيراً الى ان المشكلة تتعلق بالأنظمة والتعليمات والقوانين، وليست بالدستور نفسه. وقدم العتيبي قراءة مقارنة للدستور الأردني مع الدستور الألماني، الذي ينص في المادة الأولى منه على ان البشر كافة متساوون في الحقوق، وأشار الى ان مفهوم الكوتا وإعطاء حصص مميزة لفئات معينة هو أمر مخالف للدستور، الذي ينص على ان الأردنيين سواء أمام القانون. وأوضح العتيبي ان الأصل في الدستور هو ألا يتدخل في تفاصيل الأحكام الدينية مثل العقوبات او الميراث، بل ان يقتصر على المفاهيم العامة، مثل الكرامة والحقوق والعدل والمساواة، وذلك لتجنب المسائل الخلافية. وحول آليات حماية الدستور، تطرق العتيبي الى أهمية التعددية الحزبية ووعي منظمات المجتمع المدني بالقوانين والدستور، من أجل مراقبة تنفيذه ورصد المخالفات والانتهاكات.


أما الدكتور المحامي جودت مساعدة، فألقى الضوء على التعديلات الدستورية المرتقبة، موضحا ان المشروع يشمل تعديل 43 مادة من اصل 128 مادة في الدستور، اي ما يعادل 33% من المواد، وأن هذا التعديل يمثل التاسع والعشرين على الدستور منذ عام 1952. وتحدث مساعدة عن آلية إقرار التعديل الدستوري، الذي يتطلب التصويت على كل مادة على حده وموافقة ثلثي أعضاء مجلسي النواب والأعيان على التعديلات، كما تناول تقييم مشروع التعديلات الدستورية من حيث إيجابياته وسلبياته، مبينا انه يمثل خطوة نحو الأمام ويتضمن نقاطا جوهرية، مثل اقتصار إصدار القوانين المؤقتة في حالات الضرورة فقط وليست أية أمور تراها الحكومة ضرورية، وتعديل متطلبات منح الثقة بالحكومة، وآلية محاكمة الوزراء، والمحكمة الدستورية، وتقليص صلاحيات محكمة أمن الدولة، لكنها ليست التعديلات الكافية في ظل زيادة الضغوطات الشعبية بالاصلاح السياسي والديمقراطي.


وأجمع المشاركون على ضرورة إجراء استفتاء على التعديلات الدستورية أسوة بالدول الأخرى حتى العربية منها، التي أجرت استفتاءات مشابهة، خاصة وأنه لم يتم التشاور مع الفعاليات المجتمعية عندما وُضعت المقترحات للتعديلات الدستورية. وأشاروا الى وجود نواقص عديدة في مشروع التعديلات الدستورية الذي يناقشه مجلس النواب حاليا، أهمها النص على إنشاء هيئة "قضائية" مستقلة على الانتخابات، وإلزام مجلس الأمة بفترة زمنية معينة لإقرار مشاريع القوانين، وتحديد صلاحيات المحكمة الدستورية، ووجوب إجراء المراجعة الدورية لمواد الدستور، وإلغاء محكمة أمن الدولة، وشمول الأمور المتعلقة بالاصلاح الاقتصادي في التعديلات الدستورية، خاصة مسألة إلزامية تقديم التقارير لديوان المحاسبة.


واختتم ممثلو المجتمع المدني الندوة بالتأكيد على أهمية التركيز على الوعي والثقافة السياسية، مقترحين إدخال مساق دراسي إلزامي في الجامعات عن الدستور الأردني ودستورية القوانين، ومؤكدين ان توفر الإرادة السياسية هو المفتاح الأساسي للاصلاح السياسي والديمقراطي الحقيقي في الأردن.


وبحسب مديرة معهد بصر لدراسات المجتمع المدني د. مي الطاهر، فإن إطلاق مشروع "حوار المجتمع المدني حول القوانين المؤقتة" يأتي في مرحلة الاصلاحات التشريعية والقانونية التي ينتهجها الأردن منذ منتصف العام الحالي، ويهدف الى فتح حوار مجتمعي بين أطياف المجتمع المدني حول دستورية القوانين، كون المجتمع المدني يمثل الأساس الذي ينبغي ان يلعب دور المراقب على السلطات الثلاث، والراصد لآليات تطبيق القوانين وتجاوزاتها وانتهاكاتها، ابتداء من عملية إقرار القوانين ومساءلة مدى شرعية ودستورية القوانين السارية.


وأضافت الطاهر ان المعهد سيواصل جولاته في المحافظات لعقد ندوات حوارية مع فعاليات المجتمع المدني حول القوانين المؤقتة، هدفها تسليط الضوء على هذه القوانين وتثقيف المشاركين حول التقدم بحجج قانونية قوية في مساءلتهم عن مشروعية القوانين النافذة. وستتبع هذه الندوات عقد سلسلة من ورش العمل المتخصصة، التي ستتناول القوانين المؤقتة ذات الصلة بعمل منظمات المجتمع المدني، ليتم تقديم المقترحات والتوصيات بشأنها، والخروج بصيغ معدلة لهذه القوانين، ترفع الى الجهات المعنية وإلى صناع القرار في مؤتمر وطني.


وطالب المجتمعون بضرورة إدخال النص الدستوري الذي يلزم بإجراء استفتاء شعبي على التعديلات الدستورية، مؤكدين ان مناقشة تلك التعديلات لم تشمل كافة أطياف الشعب الأردني.
    

كما طالبوا في ختام الندوة بتقليص صلاحيات السلطة التنفيذية التي "باتت تتغول على السلطة التشريعية وعلى الشعب وعلى الدستور، ومارست الوصاية في العقد الأخير بإصدار المئات من القوانين المؤقتة مستغلة غياب انعقاد مجلس الأمة".


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد