إضراب الشاحنات .. هل يجبر الحكومة على تخفيض أسعار الوقود؟

mainThumb

05-12-2022 06:59 PM

السوسنةـ شكّلت الحكومة خلية أزمة لإدارة المواجهة مع نقابة سائقي الشاحنات التي أعلنت اضرابا شاملا في مختلف أنحاء المملكة عن تحريك الشاحنات والقيام بواجبات النقل واضعة السلطات المختصة ووزارة النقل أمام خيارين لا ثالث لهما اما رفع أجور النقل والشحن على الخطوط البرية الداخلية والمتصلة بطبيعة الحال في العديد من دول الإقليم والجوار أو تخفيض أسعار الوقود.

وللحكومة الحالية خياران لا ينتميان إلى الواقع فتخفيض أسعار الوقود مع قرب دراسة ما يسميه الحكومة تحرير أسعار المحروقات ورفع الدعم عنها مسالة غير قابلة للنقاش في ظل أزمة مالية واقتصادية طاحنة ومفتوحة على الاحتمالات.

رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة أعلن رسميا تحت قبة البرلمان أن “البقاء في دعم المحروقات” ترف لا تملكه الخزينة.

لكن الاهتمام الرسمي بالتحاور مع سائقي الشاحنات المضربين عن العمل يعتبر الاشتباك هنا مسالة في جوانب الأولويات وهي أولويات سياسية وإقتصادية قبل اي اعتبار اخر بسبب الدور الحيوي لقطاع النقل في التاثير في العديد من القطاعات الاقتصادية والتجارية الفاعلة خصوصا طبيعة ونوعية الأعمال في ميناء العقبة الميناء المائي الوحيد للمملكة.

وما فاجأ السلطات على الأرجح ليس إعلان النقابة التي تمثل سائقي الشاحنات وأصحاب تلك الشاحنات إضرابا عن العمل واصطفاف الشاحنات بدون حراك في بعض الساحات المخصصة لها في مختلف مناطق المملكة.

ولكن ما وجّه رسالة صعبة وملغزة هو نجاح ذلك الإضراب على الأقل في يومه الأول وهو الأمر الذي تطلّب فيما يبدو تشكيل خلية أزمة وزارية تتابع هذا التحدي وتمنع إطالة أمد الإضراب وتبحث عن طريقة بعيدة عن المواجهة والصدام مع سائقي الشاحنات بسبب دلالات مسألة المحروقات وملف النقل والطاقة أولا على الوضع الاقتصادي.

ويُعيد إضراب سائقي الشاحنات ذكريات أليمة في التاريخ السياسي الأردني المعاصر في الوقت الذي رفع فيه شعار التمكين الاقتصادي وانطلق فيه أيضا مشروع تحديث المنظومة السياسية ومشروع ثالث باسم الإصلاح الاداري حيث يربط المراقبون في المخيلة الشعبية فقط بين الاضراب الجديد وبين ذكريات مؤلمة عن أحداث نيسان عام 1989 والتي بدأت أصلا بإضراب لسائقي الشاحنات على الخط الصحراوي.

واتّخذت السلطات بطبيعة الحال كل الترتيبات الأمنية واللوجستية اللازمة لمواجهة أي تداعيات تنتج عن إضراب سائقي الشاحنات لكن الحوار خلف الستارة بدأ بصورة مكثفة ووجهت تحذيرات للنقابة وللروابط التى ترعى مصالح سائقي الشاحنات فيما بدأت على مستوى مركز الأزمات عمليا قراءة ما هو بين الأسطر والأحرف بإضراب سائقي الشاحنات ليس لانه نجح في يومه الاول في لفت الأنظار وجذب إهتمام الحكومة والطاقم الوزاري بشكل غير مسبوق ولكن لأنه أيضا نجح في استقطاب أضواء الإعلام والجمهور ونتج عن ذلك حملة تأييد وتعاطف على مستوى المنصات التواصل مع سائقي الشاحنات نكاية بالحكومة.

وهو أمر يجعل موضوع سائقي الشاحنات أكبر وأعمق من مجرد اطار مطلبي لشريحة في المجتمع ولحديث هنا عن قطاع النقل الذي تراهن عليه الدولة والحكومة في مختلف خططها تحت عنوان مشاريع الاستثمار في البنية التحتية والتكامل مع العراق ومصر والانفتاح على سوريا ومجمل المشاريع المرتبطة بالوضع الإقليمي والاقتصادي في المنطقة حيث أن قطاع النقل والشحن هو محور كل هذه الأطر والعمليات.

ورغم ذلك تعاملت الحكومة بحكمة والصبر مع الموضوع وشكّلت لجان لدراسة مطالب سائقي الشاحنات التي يبدو تنفيذها صعب ومعقد وعملية التلويح أن السلطة لم تسمح بإضرابات من هذا النوع في يد يقابلها التفاوض والتحاور من أجل معالجة الاطار المطلبي خصوصا وأنه قابل للتمدّد على شرائح أخرى لها علاقة بالقطاع العام أو مرتبطة على نحو أو آخر بالقطاع العام.

الرسالة الأهم في إضراب سائقي الشاحنات والتي دفعت باتجاه إستنفار خلية الأزمة الوزارية والبحث عن معالجات سريعة جدا قدر الامكان هو ان الاضراب نجح وشهد نسبة التزام لم تتوقّعها وزارة النقل وفي مختلف محافظات المملكة حيث اصطفّت الشاحنات وتجمّع حولها سائقوها وبقيت بدون حراك وظهر ذلك في 7 محافظات على الأقل، الأمر الذي يُعتبر وفي حالات القياس والمُقاربة من المحطّات التي تستوجب الوقوف عندها.

"رأي اليوم"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد