سورية وغزة: عناق البنادق والشرف

mainThumb

28-10-2023 01:48 AM

لم يعد خافياً أن حضور سورية على المسرح السياسي الدولي يزداد رسوخاً يوماً بعد يوم بشكل قوي، بوصفها قوة حاسمة في تقرير مصير المنطقة، وذلك من خلال الدور الهام الذي تلعبه في إطار استراتيجيتها المعلنة، سواء على صعيد موقفها الداعم للقضية الفلسطينية وتحالفها مع محور المقاومة على أسس متينة معادية للإمبريالية والصهيونية ، أو على صعيد دورها في مواجهة مخططات التفتيت والهيمنة على دول المنطقة، ومحاربة الجماعات التكفيرية والإرهابية من خلال الحرب التي تخوضها ضد الارهاب والقوى الداعمة له عربياً ودولياً.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الادارة الامريكية لبلورة جبهة دولية موحدة للعمل ضد سورية من أجل منعها من تحقيق تطلعاتها، الا أنها تسير بإصرار نحو مشروعها الحضاري والانساني، وبات الحضور السوري يشكل تحدياً استراتيجياً للكيان الصهيوني، الذي سيلغي دور الكيان الصهيوني ويضعه في بداية طريق يقوده نحو نهايته، لا سيما أنه يواجه خطراً وجودياً يتمثل بالحضور الفلسطيني الذي تؤيده سورية في مقاومة المشروع الصهيوني، والتي رفعت راية الكفاح الى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الاسرائيلي من أجل استعاده وطنه ومقدساته.
في هذا السياق تعد سورية من أبرز الدول التي تدعم الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس التي شنت هجمات على إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري، فيما ردت إسرائيل على هجمات حماس حتى خارج حدود فلسطين بقصف مطاري دمشق وحلب الدوليين، الذي جاء رداً على دخول معدات عسكرية قادمة من إيران عبر سورية، لدعم الفصائل المقاومة في حربها ضد إسرائيل، بالإضافة الى أن سورية لها دور بشكل مباشر أو غير مباشر إما التزويد بالسلاح أو تقديم المعلومات للمقاومين في فلسطين فضلاً عن تعدد الدعم اللوجستي والعسكري والتقني العلمي بكافة المستويات. وعلى الطرف الأخر فقد أطلقت قذائف هاون من سورية باتجاه مرتفعات الجولان التي تخضع للاحتلال الإسرائيلي منذ 1967.
في نفس السياق إن الدعم السوري في الحرب على "إسرائيل" جاهز فسورية صنعت قاعدة إسناد إقليمية مؤثرة عبر دعم المقاومة الفلسطينية، كما أنها تراقب معركة "طوفان الأقصى" بإهتمام شديد وتراقب أدق تفاصيلها وهي مستعدة للتقدم في حال لزم الأمر، وفي الوقت نفسه ترسل صواريخها الى غزة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
لقد تجلت قمة انجازات سورية في إبداع معادلات جديدة وغير تقليدية لمواجهة المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة، فأنعشت الآمال بإمكانية الانتصار عليه وإسقاط أسطورة قوة العدو الصهيوني التي لا تقهر، بعد عقود من الاحباط وانسداد الآفاق أمام العرب، فيعود الفضل في ترسيخ محور المقاومة وتعزيز منظومته الى سورية، حيث بات هذا المحور السلاح الأقوى لقهر إسرائيل الارهابية، في وقت كادت فيه القضية الفلسطينية تضيع في متاهات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وفي خضم التحالفات السرية بين اسرائيل وأنظمة العمالة العربية، وإن الفعل المقاوم الممتد من دمشق الى طهران مروراً بالعراق ولبنان وغزة أصبح اليوم الصخرة الصلبة التي تتحطم عليها مشاريع الارهاب وأدواته.

مجملاً... إنّ الرهان على المستقبل في المنطقة يملي الوقوف إلى جانب فلسطين واتخاذ خطوات شجاعة باتجاهها، وحمايتها من كل الأطماع التوسعية القادمة حتى الوصول بها إلى برّ الأمان وإتمام رحلة التحرير من الإرهابيين الإسرائيليين، وفي الوقت نفسه إننا أمام مرحلة تاريخية دقيقة يمكن من خلالها معرفة الأوفياء والشرفاء لأوطانهم وأمتهم، وفي المقابل سوف ينكشف مرتزقة وعملاء أعداء الأمة العربية وخُدام أجندتهم التوسعية وسياساتهم التخريبية في المنطقة العربية، وستبقى غزة وقود الثورات العربية وستبقى في قلوب كل السوريين ولن تغيب عن أذهانهم وستبقى حافزاً لتحركاتهم وثوراتهم.
وأختم بالقول: إن أحلام وأوهام أعداء فلسطين كانوا يراهنون على تركيع قلسطين وهذا لن ولم يكن مهما كان الثمن، ففلسطين لن تركع طالما فيها شموخ ورجال مقاومين يملكون الارادة والعزيمة والإيمان القوي والثبات على مبادئهم وحبهم للوطن، برغم إننا ودعنا الكثير والكثير من الشهداء الأبرياء والمدنيين من النساء والأطفال والشيوخ ودمرت آلاف المنازل ولكن في المقابل هناك مقاومة شرسة لطرد الغزاة من أرضنا.
ونحن في سورية دولة المقاومة العربية نتطلع إلى اليوم الذي سنقاتل فيه جنباً إلى جنب مع الشعب الفلسطيني لاجتثاث الغدّة السرطانية وإزالة إسرائيل من الوجود، ومن هنا فإن سورية ملزمة بالنضال من أجل فلسطين ولن تتخلى عنها حتى يحقق الشعب العربي الفلسطيني تقرير مصيره ويقيم دولته المستقلة على أرض وطنه، وهذه الثوابت لا يمكن المساومة عليها لارتباطها بالعقيدة القومية التي تؤمن بها سورية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد