الجهد السياسي الأردني ينجح في اختراق السياسة الأوروبية

mainThumb

29-11-2023 01:22 AM

استطاعت الجهود السياسية والدبلوماسية المتراكمة، والتي يقودها جلالةُ الملك عبدالله الثاني من اليومِ الأول للعدوان الإسرائيليّ على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أنْ تحقق نتائجها المرجوَّة في تغيير الصورة النمطية العالمية تجاه ما يَجري في المنطقة، إذْ كانَ الجهد السياسي الأردنيّ، واضحاً؛ فهو غيرُ خافٍ على أحد وبذل ويبذلُ تحتَ الشمس، ومتفوقًا؛ فهو تفوّق على الكثيرين ممن كانوا وما زالوا على صلةٍ وثيقةٍ بالحَدث، ولا نريد هنا المزاودة على أحد، بقدر ما نريد أنْ نوضِّحَ أثر هذا الجهدِ على السياسةِ العالميّة، وإحداثِ «خُروقاتٍ» في الصورة النمطيّة عن القضية الفلسطينية، والانحياز الأعمى لدولة الاحتلال الصّهيونيّ.

في اليوم الذي تلا مجزرة المستشفى المعمداني، والتي راح ضحيَّتها أكثر من 500 شهيد ومئات الجرحى، كان مُقرّراً عقدُ قمة مهمة في عمان، يحضرها الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيسان المصريّ والفلسطينيّ، إلا أنّ الأردن، وكردة فعل على هذه الجريمة البشعة، قرَّر إلغاء زيارة بايدن إلى المملكة وإلغاء عقد القمّة.

جلالة الملك، التقط، من اليوم الأول للعدوان، ومن أول غارة استهدفت المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء، أنّ هدف هذه الحكومة الإسرائيليّة المتطرفة الأول للحرب هو تهجير سكان غزة إلى سيناء مصر، فما كان من جلالته إلا أنْ زار مصر أكثر من مرة، وصرح أكثر من مرة بالتّمسك بحقِّ الشعب الفلسطيني بأرضه، ورفض أيّة محاولات تهجير إلى مصرَ أو الأردن، واعتبر هذا الملفَّ خطاً أحمرَ.

موقف أردني متقدم، تبلور بعد جهودٍ سياسيّة ودبلوماسيّة، ومعلومات دقيقة توفرت لصانعِ القرار الأردني، تُرجمت إلى قرارات ملموسةٍ كانَ سحبُ السفيرِ الأردني من تل أبيب أقلّها وطأةً، لمواجهة الغطرسة الصهيونية في المنطقة، وصولاً إلى وقفِ نزيفِ الدّم في قطاع غزة، وتحدث جلالة الملك عن الجهد الأردنيّ المتواصل لوقف الحرب خلال لقائِهِ وفدًا يمثل القطاع الخاص، الإثنين الماضي، عندما قال: «إنّ الأردن يعمل بكل طاقته لوقف دائم لإطلاق النار في غزة بأسرع وقت، وتسريع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع والضفة الغربية للتخفيف م? الآثار الكارثية الإنسانية هناك».

الجهود الدبلوماسية والسياسية الأردنية، التي ساهم فيها أيضاً وبشكلٍ لافتٍ ومحترف، وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي أعلن صراحةً أنّ اتفاقية السلام مع «إسرائيل» عبارةٌ عن وثيقة على «الرّف يعلوها الغبار» في ظل الجرائم الصهيونية في غزة، وأن الأردن لن يوقّع اتفاقية لتبادل الطاقة مقابل المياه، كما أكّد وزير الخارجية غيرَ مرةٍ أنّ «الظروف البائسة» التي يعيشها الشّعب الفلسطينيّ تحت الاحتلال هي التي أوجدت حماس، وأنّ هذه الحركة عبارةٌ عن فكرة، والفكرة بطبيعة الحال لا تموت.

الصفدي، استطاعَ أن يغيِّرَ في العقليّة الأوروبية، ونرى اليوم وبشكلٍ مفاجئ مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يتبنّى الموقف الأردنيّ بكل وضوح وصراحة، وإنّ اقترابه ومحاولته لفهم ما يجري بشكل حقيقيّ، دفعاهُ للقول إنّ: «حماس ليست مجرد مجموعة أفراد وإنما فكرة وأيديولوجيا لا يمكن قتلها». وتصريحه لن يعجب أيّ أحدًا لا في أوروبا ولا في الولايات المتّحدة؛ لأنّ أحدًا لم يبذل جهدًا لمحاولة فهم ما يجري وجرى، وتصريحه هو نتيجة حدوث «اختراق» فعلي.. لمنظومة عدم الفهم الموجودة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد