أردوغان والظهور بهذا الوقت

mainThumb

21-02-2024 05:32 PM

لماذا ظهر أردوغان في هذا التّوقيت في مصر؟ هل صحيح أنها زيارة مُجدولة من قبل وليس لغزّة نصيب الأسد منها؟

المُتاح من معلومات هو أن الزيارة تكليف من أميركا لأردوغان بالدّخول إلى جانب المصريين للاتفاق على إنقاذ إسرائيل من ورطة غزّة بإدخال المقاومة في خدعة الاطمئنان للضّامن التركي

فتركيا (الإسلامية) ستُقدّم عرضًا للمقاومة من أنّها ستكون الضّامن لوعود إسرائيل إلى جانب مصر وهذه الوعود لن تكون تعهّدات علنيّة بل تعهّدات سِريّة لأن إسرائيل تُريد أن تُنهي الحرب دون أن تظهر عليها الخسارة والتراجع

ومكافأة أردوغان هي تخفيف الضّغط عن الليرة التركية التي صارت بوزن الرّيشة (المُخطط أدناه لفاجعة اللّيرة التركية التي يُريد أردوغان إنقاذها على حساب غزّة)

مشروع أردوغان يقضي أن تُقلّل المقاومة من "لاواقعية" مطالبها والاستجابة لـ (لاواقعية) المطالب الإسرائيلية وهناك اقتراح أن تضع المقاومة الأسرى الأسرائيليين في عُهدته-أي أردوغان

وسيكون الطيب أردوغان وتركيا إلى جانب مصر في حماية مطالب المقاومة

ويظُنّ من سرّب الأمر أن يقترح الأتراك أن يتم نقل الأسرى عبر معبر رفح إلى تركيا وستظهر إسرائيل على أنّها أخرجت قضية الأسرى من أيدي حماس وأنّها لم تُقدّم تنازلات لأنها لن تتعهّد علنًا بأيّ شيء، ولكنها ستتعهّد لتركيا سِرًّا بضمانات طلبتها حماس

أتمنّى من المقاومين في غزّة أن ينتبهوا من فخّ الوقوع في الاطمئنان لتركيا المعركة التي خاضها أهل غزّة أسطوريّة ومُذهلة ومِن المُفجع أن تُسقطها الخيانة والغفلة
عليهم أن يتعلّموا من مقابلة بوتين أن لا ضامن في الكون لأي حقٍّ إلا مِمّن كان صديقك فقط، وليس صديقك وصديق عدوّك

الأوروبيون قدّموا كلّ الضّمانات للرّوس عدّة مرّات وبعد أن نقض الأميريكون الاتفاقات، كان الضّامنون الأوروبيون يقولون أنهم لا يقدرون على فِعل شيء وهذا طبيعي فلا يمكن لأصدقاء أميركا أن يكونوا أصدقاء لروسيا أيضًا
وقبل ذلك قبِل الفلسطينيون بضمانة الاتحاد الأوروبي بشأن الأسير الفلسطيني أحمد سعدات، وقبلوا بتسليمه، على أن تتم حراسته بقوّة أوروبيّةوبعد أن نفّذوا مطالب اسرائيل، اقتحمت اسرائيل السّجن واعتقلت سعدات، ولم يُدافع عنه الضّامنون الأوروبيون وتركوه لمصيره وانسحبوا

نفس الضمانات لاتفاقات أوسلو قدّمها الأوروبيون والأميريكون والنتيجة هي استيطان كلّ الضفة الغربية

إيّاكُم أن تظنّوا أن تركيا بردائها الإسلامي ستكون أكثر ضمانًا من الضّامن الأوروبي .. فتركيا في النّهاية دولة ناتو ولها مصالحها .. وهي تعتبر أن عودتها للشرق ليس لمصلحة العرب، بل هي مصلحة تركية خالصة، لأنها تعتبر أن لها الحق كقوّة ناتويّة أن يكون لها حصّة من كعكة الشرق الأوسط ..

وهي تُفتّش عن الغاز والاتفاقات التجارية وليس لإعمار غزّة .. وقد رأى الأخوان المسلمون بأمِّ أعيُنهم كيف أن أردوغان كان ضدّ حُكم العسكر الانقلابيين (كما كان يصِف السيسي) .. ولكنه في لحظة صدر له أمر أمريكي بالتقارُب مع السيسي .. وجمع أخوان مصر الذين كانوا في تركيا في ليلة وضُحاها، وقطع ألسنتهم بالمقص ....

حماس والمقاومة اليوم ستتعرّض لضغوط مُحرجة تركية .. بحُجّة أن تركيا تُريد إنقاذ أهل غزّة من المجزرة .. رُغم أن تركيا المُنافقة قادرة على ان تُنقذ غزّة بإيقاف تصدير النفط والأغذية وتجميد العلاقات التجارية والعسكرية والأمنية مع إسرائيل، وتستعمل نفوذها في الناتو لتطلب من دُوَل الناتو الضّغط على إسرائيل ..

لكن تركيا اكتفت بالمظاهرات التي قدّمتها لندن ونيويورك .. وليس لها أي فضل على غزّة في هذا .. فكلّ مظاهرات العالم لم توقف قتل الأطفال ..

مشكلتنا في أنّنا نتنكّر لدروس التاريخ وحِكمه القديمة .. فأصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة .. أمّا أن يكون صديقك صديقًا لعدوّك، فهذا هراء يجعل التاريخ يضحك ويعلو صوت ضحكاته عليك ..

أمّا نصف صديق ونصف عدوّ، فهذه تصنيفات لم نشهدها إلا في زمن الخداع الكبير الذي صِرنا نقبل فيه كائنات هُلامية نصفها صديق ونصفها عدو … مثل مخلوقات الأساطير الإغريقية ..

فالبغاسوس طائر خُرافي له أجنحة نِسر وجسم حصان .. وأبو الهول أسدٌ له رأس رجُل ..

هذه كائنات خُرافية لا توجد في عالم الحقيقة، بل في عالم الاحلام .. مثلها مثل تركيا الإسلامية الناتويّة .. جسد ناتو ورأس مُسلم .. ومثل قطر المُحتلّة بقاعدة العيديد وهي تقود حركة التحرُّر العربي والفلسطيني.

فتخيّلوا جسمًا فيه قاعدة عيديد وقناة الجزيرة، ولكنه يقود الحُريّة والديمقراطية العربية ضد أميركا والغرب !! ..

شيء عجيب هذا الهراء الذي لا يزال العرب الطّيبون يدفعون ثمنه من وجودهم وحياتهم وهُم يُصدّقون هذه الكائنات الخُرافية .. ويُصدّقون أن في التاريخ شيئا اسمه نصف صديق ونصف عدو ..

خشيتي أن تُصدّق المقاومة الضّمانات التركية .. فاليوم دخلت تركيا لتُنقذ إسرائيل من حماس والمقاومة .. وليس لتُنقذ غزّة وأهلها ..

غزّة تُقاتل بضراوة مثل طروادة .. لا يمكن إسقاطها إلا بالخديعة .. خديعة الحصان التركي والإسلامي القطري .. وعليها أن تكون حذِرة جدًّا في المفاوضات .. ومسؤوليّتها التاريخية عن أي خطأ لا تُغتفر .. لأنها أمام فرصة تاريخية لن تتكرّر ..

فقد تعثّرت إسرائيل وهي مُرتبكة جدًّا ومُصابة بالهياج .. وترتخي قبضتها عن المنطقة .. وتقترب من مصير مجهول .. وانهيار بيت العنكبوت ...






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد