خدعة اسمها الماضي الجميل
على المستوى العلمي، كل الاختراعات اليوم كانت مجهولة قبل 400 عام فقط؛ لا أحد يعرف ما الحمض النووي «دي إن إيه» ولا كيف بدأت الأشياء في هذا الكون. لا يعرفون ما سر الأمراض ولا كيف يعالجونها، لذا فتكت بهم أمراض يمكن أن تعالجها الآن بحبة دواء من أقرب صيدلية. مرض الطاعون في القرن الرابع عشر الذي سُمي «الوباء الأسود» قتل ثلث سكان القارة الأوروبية ويصيب الفرد في يوم فيُدفن بعد أسبوع، ولكنه غير معروف الآن. الإسقربوط قتل ملايين البحارة وعلاجه الآن قرص فوار فيتامين سي. أطفالهم يموتون أمام أعينهم ولا يعرفون كيف ينقذونهم. يتوقعون أن الأرض كانت مسطحة ويخشون أن يذهبوا إلى الأطراف حتى لا يقعوا ولا يعرفون شيئاً اسمه «الجاذبية الأرضية»، ولو رأوا الـ«جي بي إس» الآن لعدَّوه ضرباً من السحر والشعوذة. لم يعرفوا لماذا يُخسف وينشطر القمر، لذا استغل بعض الكهنة جهلهم ووعدوهم بعودة القمر إلى وضعه الطبيعي إذا ما قدموا لهم القربان والمال والنساء الجميلات... باختصار، الحياة وكل ما فيها كانت بالنسبة لهم لغزاً وصندوقاً أسود وهم مخلوقات تهيم على وجه الأرض بمعدلات ذكاء متدنية ليس بسببهم، ولكن بسبب نقص المعرفة الحاد. لو أن شخصاً فوق الأربعين في عالمنا قرر العودة إلى الماضي فعلى الأرجح سيكون ميتاً الآن، لأن معدلات الأعمار في ذلك الوقت هي الـ35 بسبب انتشار الحروب والأوبئة والجرائم. الإحصاءات العلمية عن مسببات الموت في العصور القديمة، كشفت عن 15 في المائة من الوفيات تعود للجماجم المهشمة نتيجة تعرضها للضرب العنيف. الآن غالبيتنا نعيش أعماراً طويلة ونموت على أسرّتنا الوثيرة.
على المستوى الأخلاقي، تطورت القيم والأخلاق بشكل كبير في العقود الأخيرة، وظهرت كلمات مثل حقوق الإنسان التي لو عاد أحد منّا للماضي وذكرها أمامهم لأًصيبوا بالحيرة وربما سيسألون: «عن أي إنسان وحقوق تتحدث؟!» فكرة الإنسان بوصفها مفهوماً أخلاقياً وكياناً مستقلاً لم تُعرف إلا لاحقاً. ولذلك لم تكن فكرة العبيد مرذولة في المخيلة الشعبية، بل مقبولة ولا تسبّب أي وخز للضمير. هذا على العكس من اليوم، ففكرة العبيد لا تعدّ مشينة أخلاقياً فقط، ولكن أيضاً مجرمة قانونياً. لماذا؟ لأننا تطورنا أخلاقياً ونفسياً. الأمر نفسه ينطبق على تزويج القاصرات، كان مقبولاً في الماضي ومنبوذاً وممنوعاً الآن، لأنه يصطدم بضمير العصر الذي تطور مع الزمن حتى وصل لأفضل مراحله في زمننا هذا رغم كل المشكلات. فكرة العرقية التي تجعل البشر طبقات وتقيس معدلات النقاء في الدم كانت مقبولة في الماضي. حتى في الجامعات وفي الثلاثينات من القرن الماضي كانت من التخصصات المعترف بها، ومنها اعتمد هتلر على نظريته النازية التي جعلته يُلقي في الأفران المصابين بعاهات جسدية ويرشهم بالغازات حتى الموت لأنهم عبء وبقع سوداء تجري في دماء العرق الآري لذا يجب تطهيره وتنظيفه. المرأة كانت تابعة وإنساناً من الدرجة الثانية ولم يكن مسموحاً لها بالانتخاب، ولكن أصبحن زعيمات دول. تقدُّم النساء من خادمات لقائدات يعكس فكرة التطور الأخلاقي على مر القرون. فكرة السبايا معيبة ومشينة وتعد انتهاكاً رهيباً لقيمة الإنسان في عصرنا الحالي، ولكنها كانت مقبولة في الماضي. لو فكر الشخص المهووس بالماضي باحتمالية أن يكون رقيقاً يباع ويشترى، لَعَدَل عن الفكرة كلها.
على المستوى الفكري، تطورت البشرية خلال القرون الماضية بسبب ازدهار التعليم وتناقص معدلات الأمية. في القرون الوسطى القريبة كان القسيس هو من يعرف أن يقرأ أما البقية فغارقون في الظلام. كلما ذهبنا أبعد في التاريخ زادت معدلات الأمية، وهكذا. لا توجد مدارس ولا جامعات ولا تخصصات، كلها أفكار جديدة نشأت في العصر الحديث. بسبب كل ذلك نشبت الحروب الدينية والطائفية والعشائرية المريرة التي قتلت الملايين ولم يهزم التعصب والمتعصبين إلا المفكرون والفلاسفة الذين حطموا أفكارهم ونقلوا البشرية إلى مرحلة مختلفة (12 مليون ضحية حرب الثلاثين عاماً بين 1618 إلى 1648). في عالم اليوم، ورغم كل المشكلات الطائفية والدينية في بلدان معينة، فإن العالم بشكل عام تجاوز حرب الهويات، والمطارات العالمية والشركات عابرة القارات أكبر شاهد على الاختلاط البشري غير المسبوق في التاريخ. في الماضي المشهد مختلف تماماً، ليس بعيداً أن تُضطهد وتُقتل لأنك مختلف دينياً أو طائفياً وعرقياً... مخاض فكري طويل قاد البشرية إلى مرحلة جديدة تتجاوز كل التصورات القديمة للحياة التي انحبست فيها البشرية لقرون.
قد تكون هذه الفكرة خارج سياق الأحاديث اليومية، ولكنها مهمة لأنها تحدد رؤية الأشخاص، خصوصاً الأجيال الجديدة لأنفسهم وللعالم من حولهم. وتساعد على فهم كيف تطورت البشرية خلال قرون طويلة وفهم حركة التاريخ التي لا تعود للماضي. وهذه الفكرة مهمة أيضاً للانسجام مع الواقع والحداثة والمدينة التي غيّرت عالمنا للأفضل والإيمان بقيمها وعدم تنجيسها بل الاندماج الكامل بها والمشاركة في ازدهارها وليس الانتقاص بحكم أنها صنيعة الغرب، وبالتالي الإحساس بالذنب والاغتراب وتمني عودة الماضي الجميل حتى لو كان مجرد كذبة رومانسية غير قابلة للتحقق.
ارتفاع سعر أونصة الفضة يتجاوز 100% منذ مطلع 2025
التنمية تعلن حل 66 جمعية .. أسماء
مصر تهزم زيمبابوي في افتتاح مشوارها بكأس أمم أفريقيا 2025
الداخلية السورية: قسد نفذت اعتداءات ممنهجة على أحياء حلب ومشفى الرازي
وزيرة الأمن الداخلي الأميركية: على مادورو الرحيل
تراجع مبيعات العقار 13% .. ومطالب بتخفيض فوائد القروض السكنية
بحبح: حماس مستعدة للتفاوض حول نزع السلاح
نواب: قانون المعاملات الإلكترونية الجديد يلغي الاستثناءات
ممداني يشجّع أسود الأطلس وسط الجالية المغربية
قصي خولي ينهمر في البكاء .. ما السبب
إيمي سمير غانم تثير الجدل: لو حسن الرداد تزوج غيري من حقه
قيادة أركان الجيش السوري تأمر بوقف استهداف مصادر نيران قوات "قسد"
مهاجم زامبيا يسقط على رقبته بعد هدف قاتل في كأس أمم افريقيا
الحسين إربد يتعاقد مع البرازيلي ني فرانكو مديرا فنيا للفريق الأول
نتنياهو: إسرائيل تعلم أن إيران تجري "تدريبات" في الآونة الأخيرة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية

