زيارة سريّة لدمشق تُربك موقف ترامب من الشرع

mainThumb
ترامب

02-05-2025 02:33 PM

وكالات - السوسنة

نشرت مجلة الإيكونوميست تقريرًا مطوّلًا سلّطت فيه الضوء على الزيارة غير المتوقعة لعضوين جمهوريين من مجلس الشيوخ الأمريكي إلى العاصمة السورية دمشق، وسط إشارات متزايدة إلى تغيّر محتمل في الموقف الأمريكي تجاه الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع.

زيارة غير متوقعة وسط سياسة أمريكية ضبابية

بينما لا تزال سياسة إدارة واشنطن تجاه الحكومة السورية الجديدة "في طور التشكل" – كما تقول المجلة – ظهر السيناتوران الجمهوريان كوري ميلز ومارلين ستوتزمان في أزقة دمشق القديمة، في مشهد لافت لا يخلو من الرمزية السياسية. ميلز، المحارب المخضرم في العراق والعضو المتحمّس لحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا"، جاء مرتديًا نظارة "راي بانز" وسترة أنيقة، فيما عبّر زميله من ولاية إنديانا عن دعمه لسياسات ترامب الاقتصادية، خصوصًا فرض الرسوم الجمركية.

ورغم أن زيارة عضوين ينتميان لحزب محافظ إلى دولة يقودها رجل كان سابقًا في صفوف "القاعدة" بدت غير متوقعة، إلا أن الزيارة انتهت بقناعة مشتركة لدى الضيفين بأن "التعامل مع الشرع بات ضرورة"، كما صرّح ميلز، مؤكدًا أن الزعيم السوري الجديد ألمح لإمكانية انضمام بلاده إلى اتفاقيات أبراهام "في ظروف مناسبة".

انقسام داخل واشنطن: صقور يتحفّظون وإنجيليون يفتحون الأبواب

وفي وقت تباطأت فيه الإدارة الأمريكية في مواكبة التغييرات المتسارعة في دمشق، بدأت الدول الأوروبية بخطوات عملية لرفع العقوبات وإعادة فتح السفارات. بينما ما تزال واشنطن تفرض قيودًا خانقة تؤثر على الحياة اليومية في سوريا، حيث شلل اقتصادي وانقطاع شبه دائم للكهرباء.

ويحذر المانحون المحتملون، من أبناء الجالية السورية في الخارج ودول الخليج، من ضخ الأموال بسبب الغموض الأمريكي المستمر، الذي يشمل حتى الآن عدم إعادة فتح السفارة في دمشق.

وبينما لا يزال صقور الحزب الجمهوري داخل البيت الأبيض – من أمثال سبستيان غوركا وتولسي غابارد – ينظرون بعين الشك للشرع ويصرون على التعامل مع سوريا كملف أمني إرهابي، ظهرت أصوات أخرى ترى في النظام الجديد فرصة لإعادة الانخراط. من هؤلاء شخصيات إنجيلية ويهودية أمريكية تعتبر أن سوريا تمثل ساحة رئيسية لمعركة حقوق الأقليات في الشرق الأوسط.

لقاءات دينية تمهّد الطريق... وخطّة لزيارة جديدة إلى دمشق

وفي مؤشر لافت، التقى القس الإنجيلي جوني مور، المقرّب من ترامب، والحاخام أبراهام كوبر من مركز سايمون فيزنتال، بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك. وقال مور عقب اللقاء: "كان الأمر أكثر إقناعًا مما توقعت"، مشيرًا إلى ضرورة النمو الاقتصادي كمدخل لتعزيز السلام الإقليمي. وكشف عن خططه لقيادة وفد من رجال الدين الإنجيليين والحاخامات لزيارة دمشق قريبًا.

ويعتقد هؤلاء القادة الدينيون أن بإمكانهم التأثير على ترامب لإعادة النظر في العقوبات المفروضة على سوريا، لكن إسرائيل – الحليف التقليدي للإنجيليين – لا تزال تدعو لتشديد الضغط على الحكومة السورية الجديدة.

ملفات شائكة على طاولة أمريكا وسوريا

في مؤتمر للمانحين في بروكسل خلال آذار/مارس الماضي، قدمت واشنطن لائحة بـ8 مطالب لحكومة الشرع، شملت التعاون في ملف الصحافي المفقود أوستن تايس، ومنع تسلل المقاتلين الأجانب، إضافة إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني كتنظيم إرهابي.

رغم ذلك، فإن تعيين عدد من المقاتلين الأجانب في وزارة الدفاع السورية خلال كانون الأول/ديسمبر أثار خيبة أمل داخل أوساط أمريكية كانت تأمل بتحوّل سياسي أوسع. غير أن مصادر مطلعة أشارت إلى إحراز تقدم على مستويات أخرى لم تُعلن.

هل يبدأ التحوّل من قاعدة "ماغا"

تختتم الإيكونوميست تقريرها بالإشارة إلى أن زيارة ميلز وستوتزمان ربما تمهد الطريق لمزيد من الوفود الأمريكية غير الرسمية إلى دمشق. وترى المجلة أن نجاح الشرع في كسب دعم الجمهوريين المحافظين والإنجيليين الأمريكيين، خصوصًا عبر خطاب يتماهى مع مصالح المسيحيين، قد يفتح نافذة لإعادة تشكيل العلاقة بين دمشق وواشنطن.

غير أن موقف ترامب نفسه لم يُحسم بعد، وسط تجاذب داخلي بين مستشاريه الأمنيين والدوائر الدينية المؤثرة في محيطه، لتبقى السياسة الأمريكية تجاه سوريا "معلقة في الهواء" .  

إقرأ المزيد : 






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد