عودة سوريا إلى سويفت .. هل يبدأ التعافي الاقتصادي؟

mainThumb
نظام التحويلات المالية العالمي "سويفت"

15-05-2025 09:01 AM

السوسنة - بعد سنوات طويلة من العقوبات الاقتصادية التي شلّت الحركة المالية والتجارية في سوريا، يبدو أن البلاد تقف على أعتاب تحول جذري مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ما يمهّد الطريق لعودتها إلى نظام التحويلات المالية العالمي "سويفت". هذه الخطوة التاريخية تُثير تساؤلات حول ما إذا كانت ستشكل نقطة تحول فعلية نحو الانتعاش الاقتصادي وفتح الأبواب أمام تدفق الاستثمارات الدولية، أم أنها ستكون مجرد محاولة لتخفيف بعض القيود دون تأثير جذري في الاقتصاد المنهك.

نظام "سويفت" يُعد بمثابة الشريان الحيوي للتعاملات المالية الدولية، حيث يربط أكثر من 11 ألف بنك ومؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة، ويسهل انتقال الأموال عبر الحدود بشكل آمن وسريع. في غياب هذا النظام، كانت المؤسسات المالية السورية تعتمد على طرق معقدة ومكلفة لإنجاز التحويلات، مما أدى إلى تراجع كبير في حركة الاستيراد والتصدير. ومع عودة سوريا إلى هذا النظام، يُتوقع أن تُستعاد القدرة على تسهيل التدفقات المالية، وهو ما قد ينعش قطاعات اقتصادية حيوية، خاصة في مجالات إعادة الإعمار والبنية التحتية والطاقة، التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة البناء.

الخبير الاقتصادي السوري، الدكتور عماد الدين المصبح، وصف هذه العودة بأنها "خطوة تاريخية" من شأنها إعادة دمج الاقتصاد السوري في النظام المالي العالمي، مشيرًا إلى أن المصارف السورية ستتمكن مجدداً من إجراء التحويلات بشكل مباشر وشفاف، وبتكلفة أقل مما كانت عليه في السنوات الماضية. كما أشار إلى أن مصرف سوريا المركزي سيستعيد دوره كمنظم رئيسي للسيولة النقدية، مما سينعكس إيجاباً على استقرار أسعار الصرف في السوق الموازية، ويقلل من تكاليف الوساطة المالية التي كانت تثقل كاهل الاقتصاد السوري.

لكن رغم هذا التفاؤل، يواجه الاقتصاد السوري تحديات هيكلية عميقة، تشمل البنية التحتية المدمرة، والفساد المستشري، وضعف البيئة القانونية، وانهيار القطاع الإنتاجي. يرى الخبراء أن عودة "سويفت" بمفردها لا تكفي لتحقيق التعافي الكامل، إذ تحتاج سوريا إلى إصلاحات مؤسسية جذرية لإعادة بناء الثقة في النظام المالي والمصرفي، وجذب استثمارات أجنبية قادرة على دفع عجلة الاقتصاد.

إضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تسهيل تحويلات المغتربين السوريين، التي تشكل رافداً اقتصادياً مهماً، حيث ستكون التحويلات أكثر أماناً وأقل تكلفة من السابق، مما يعزز من قدرة الأسر السورية على مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.

في سياق متصل، أوضح الخبير المصرفي السوري، عامر شهدا، أن ربط مصرف سوريا المركزي بنظام "سويفت" سيمكنه من إبرام اتفاقيات مدفوعات ثنائية مع البنوك الدولية، مما يُعيد تنشيط العلاقات المصرفية التي انقطعت بفعل العقوبات. كما أشار إلى أن عودة "سويفت" ستُمكّن المصارف السورية من إجراء تحويلات مالية مباشرة، ما يسهّل تنفيذ العقود الخارجية سواء للاستيراد أو التصدير، ويعزز من قدرة سوريا على استقبال رؤوس الأموال الأجنبية.

أقرأ أيضًا:



لكن شهدا نبّه أيضاً إلى وجود فجوة في الخبرات المصرفية، حيث لم يتعامل الكادر المصرفي السوري مع عمليات الاعتمادات المستندية والتحويلات الخارجية لسنوات طويلة، مما قد يُصعّب عملية الاندماج الفوري في النظام المالي العالمي. لذلك، شدد على ضرورة إصلاحات داخلية موازية، تشمل إعادة تأهيل الكوادر المصرفية وتأسيس مجلس نقد وتسليف يضم كفاءات مصرفية قادرة على توجيه المصارف بشكل صحيح.

إلى جانب ذلك، تُعد عودة سوريا إلى "سويفت" إشارة رمزية للمستثمرين الدوليين، توحي بعودة الاستقرار المالي واحتمالية تحسن البيئة الاستثمارية، وهو ما قد يشجع المؤسسات الدولية على إعادة النظر في فرص الاستثمار في سوريا، خاصة مع الحاجة الملحة لإعادة إعمار البنية التحتية التي دمرتها الحرب.

ومع ذلك، يبقى التساؤل الأهم: هل ستكون عودة سوريا إلى "سويفت" كافية لتعويض سنوات الحصار الاقتصادي وإعادة إنعاش الاقتصاد المتهالك؟ أم أن الأمر يتطلب إصلاحات أعمق لضمان جذب الاستثمارات واستعادة الثقة الدولية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على ذلك.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد