صحيفة السوسنة الأردنية

السوسنة - في إنجاز علمي لافت يضاف إلى رصيد الجامعات الأردنية في البحث العلمي، نشرت مجلة World Affairs، إحدى أعرق المجلات الأكاديمية العالمية في مجالات العلوم السياسية والعلاقات الدولية، دراسة جديدة بعنوان: “Military Coups in Africa: Historical Context and Contemporary Dynamics”.
المجلة التي تأسست قبل 188 عامًا تعد منصة رائدة للبحوث الرصينة، وتحظى بتصنيف دولي مرموق في قاعدة البيانات Scopus، ويكتب في صفحاتها كبار الأساتذة والخبراء في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من مختلف أنحاء العالم، مما يجعل النشر فيها بمثابة اعتراف عالمي بمكانة البحث العلمي وجودته.

الدراسة الجديدة شارك في إعدادها فريق أردني متميز يضم:
الاستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة ، استاذ العلوم السياسية الاشهر في قسم الدراسات السياسية والدولية في جامعة اليرموك .
الاستاذ الدكتور عزام عنانزة، أستاذ الإعلام في قسم الصحافة بجامعة اليرموك.
الدكتور أيمن البراسنة، أستاذ العلاقات الدولية المشارك ونائب عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية.

ويشكل هذا العمل إضافة نوعية للمكتبة السياسية العربية، خصوصًا أنه يقدّم قراءة معمقة وشاملة لإحدى أكثر الظواهر تأثيرًا في المشهد السياسي الإفريقي المعاصر.
تسلط الدراسة الضوء على ظاهرة الانقلابات العسكرية في إفريقيا منذ ستينيات القرن الماضي وحتى عام 2023، كاشفة أن القارة شهدت ما يقارب 200 انقلاب عسكري، نجح أكثر من نصفها في تغيير السلطة، خاصة في ما يعرف بـ “حزام الانقلابات” الممتد من مالي مرورًا ببوركينا فاسو والنيجر وتشاد وصولًا إلى السودان.

وتشير الدراسة إلى أن الأسباب وراء هذه الانقلابات متشابكة ومتعددة، من بينها: ضعف المؤسسات السياسية وعدم قدرتها على إدارة التعددية واحتواء الأزمات، والأزمات الاقتصادية مثل البطالة والتضخم والفساد المستشري، والانقسامات الإثنية التي حوّلت المنافسة السياسية إلى صراعات صفرية، إضافة إلى التدخلات الخارجية حيث لعبت القوى الكبرى أدوارًا متباينة منذ الحرب الباردة حتى اليوم.
ورغم أن بعض الانقلابات الأخيرة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر حظيت بتأييد شعبي نتيجة خيبة الأمل من الأداء الحكومي، إلا أن الباحثين يؤكدون أن تلك الأنظمة العسكرية سرعان ما انزلقت إلى الاستبداد وتعطيل مسارات التحول الديمقراطي، لتدخل بلدانها في دوامة جديدة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وتتميز الدراسة بكونها لا تكتفي بالسرد التاريخي، بل تعتمد منهجية تحليلية مقارنة تربط بين الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية للانقلابات العسكرية. فهي تبرز كيف استغلت الجيوش الفراغات السياسية لتبرير استيلائها على الحكم، وكيف لعبت القوى الخارجية دورًا في شرعنة أو إطالة عمر الأنظمة العسكرية، الأمر الذي جعل الانقلابات أكثر من مجرد شأن داخلي، بل ظاهرة ذات امتدادات جيوسياسية عميقة.
كما تطرح الدراسة توصيات مهمة لصنّاع القرار والباحثين، أبرزها: إصلاحات داخلية عبر بناء مؤسسات قوية مستقلة قادرة على إدارة التنوع والتصدي للفساد، وتعزيز دور الاتحاد الإفريقي ومنظمات إقليمية أخرى في مراقبة ومنع التغييرات غير الدستورية، إضافة إلى انخراط دولي مسؤول يركّز على دعم مسارات التحول الديمقراطي، وإعادة تأهيل المؤسسة العسكرية وتحييدها عن السياسة عبر الاحترافية والرقابة المدنية.

خلصت الدراسة إلى أن مستقبل القارة الإفريقية لن يكون أكثر استقرارًا إلا عبر نهج شامل يعالج جذور الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعيد الاعتبار للمؤسسات الديمقراطية باعتبارها الضمانة الوحيدة للاستقرار والتنمية.
إن نشر هذه تلدراسة في واحدة من أعرق المجلات العالمية هو إشارة واضحة إلى أن العلماء العرب، والأردنيين منهم على وجه الخصوص، قادرون على المساهمة في النقاشات الأكاديمية الكبرى التي تشغل العالم، وأن قضايا إفريقيا ليست بعيدة عن اهتمام باحثينا الذين يقدمون تحليلات عميقة تتجاوز حدود الجغرافيا إلى آفاق إنسانية وسياسية أوسع.
ويحظى الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، بتقدير خاص في الأوساط الأكاديمية، إذ عُرف بمؤلفاته وأبحاثه تلتي تجاوزت 80 بحثا حول الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي والدراسات الإقليمية والشرق أوسطية، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وحصل على العديد من المنح والجوائز العلمية ، ما جعله من الأسماء البارزة في حقل العلوم السياسية عربيًا ودوليًا.

للاطلاع على محتوى الدراسة اضغط على الرابط التالي:

https://www.researchgate.net/publication/395380541_World_Affairs_Military_Coups_in_Africa_Historical_Context_and_Contemporary_Dynamics