المنصّات التعليمية ما لها وما عليها

mainThumb

30-09-2025 04:49 PM

في السنوات الأخيرة ومع التطوّر التكنولوجي المُتسارع، ومع ظهور كورونا غزت المنصّات التعليميّة واقعنا التّعليمي واحتلت مساحةً كبيرة منه، وشكّلتْ واقعا جديدا تعاملت معه الأطراف المُختلفة ذات العلاقة بالعمليّة التعليميّة بأساليب متنوّعة، وبرزت آراء مؤيّدة وآراء أخرى مُعارضة لهذه المنصّات وما تقوم به، ودارت نقاشات كثيرة حولَ إيجابيّات وسلبيّات هذه المنصّات.
في هذه المقالة أتناول المنصّات التعليمية إيجابًا وسلبًا.
ممّا لا شكّ فيه أنّ لهذه المنصّات إيجابيّات واضحة جليّة برزت وخاصّة في الظروف الاستثنائية كجائحة كورونا مثلا؛ حيث لم ينقطع الطلاب عن التعلّم بالرغم من الإغلاقات الّتي امتدت لفتات طويلة، وبرز دور هذه المنصّات في بعض الظروف الجويّة وخلال الأزمات، والمنصّات التعليميّة عزّزت التعلّم الذاتيّ وجعلت الطالب يتحمّل مسؤولية تعلّمه وخاصّة طلاب المرحلة الجامعيّة؛ فأغلب الجامعات لجأت إلى تخصيص موادّ يكون التعليم فيها عن بُعد، وفي هذا حفظ لوقت الطالب وجُهده، خاصّة أنّها أعطته مرونة في الوقت حين تكون المحاضرات وواجباتها وتعييناتها متاحُ إليها الوصول في أوقات مُختلفة، وساهمت منصّات التعليم في تنوّع الإستراتيجيات وفي توفّر المصادر التعليميّة فالشرح قد يكون مباشرا أو عن طريق تجربة أو فيديو أو ملصقات أو مجموعات ممتدة هنا وهناك وسواها، كما وساهمت المنصّات في مساعدة عدد كبير من المعلمين والمحاضرين على التميّز والشهرة وعلى زيادة دخلهم، كل ما ذكر أعلاه يُسجل في صفحة بيضاء للمنصّات.
أمّا عند الحديث عن المنصّات من الجانب المُظلم فحريّ بنا الحديث عن مساهمة المنصّات في رفع نسبة غياب الطلاب وخاصة طلاب المدارس والمرحلة الثانويّة خصوصا، فأصبح الطالب يرى أنّ الموادّ المقدمة إليه عبر هذه المنصّات تسدّ مسدّ المعلم، وتحتل دور المدرسة فلجأ للغياب عن مدرسته، ممّا أضعف دور المدرسة التربويّ وهذا ما دفع وزارة التربية إلى تطبيق أسس الغياب والالتزام بها تمامًا، ومن السلبيّات البارزة للمنصّات أنّها جعلت الطالب يدرس لأجل الامتحان؛ فأغلب المعلمين يوجّهون الطالب إلى الدراسة من أجل الامتحان، ويعلّمونه كيف يقتنص العلامة، فحصروا دوره في البحث عن العلامة متناسين المادة التعليمية ومهاراتها، وجعلت المنصّات الطالب ( زبونها ) الذي تسعى لإرضائه وإرضاء ووليّ أمره الّذي أُرهق كاهله بين اشتراكات وشراء بطاقات وسواهما، وقد تفنّنت هذه المنصات في أساليب الدعاية، فهي تُوهم الطلاب وذويهم بأنّه لا نجاح وتفوق إلا بها، ولعلّ من أبرز سلبيّات هذه المنصّات اغتيال دور المدرسة والمعلم الإرشادي؛ فالطالب الذي يحضر صار يُطالب معلّمه بفعل ما تفعله المنصّات من ملخصات، وصار يدخل مدرسته وهو يظنُّ بأنّه مسلح بالمعلومات التي حصّلها عن طريق المنصّات، وصار يدخل الامتحان وهو يتوقّع أن تكون أسئلته شبيهة بما يُطرح في المنصّات، وأخيرا فإنّ الكثير من الطلاب لا يستطيعون الحصول على اشتراكات أو بطاقات المنصّات ممّا يجعلهم يشعرون بالفارق الاقتصادي بينهم وبين زملائهم وخاصة وأنّ المنصّات أصبحت جزءا من ثقافة الشعب.
إذن لا شكّ أنّ للمنصات إيجابيات علينا تعزيزها، وأيضا لها كما ذكرنا سلبيّات علينا تلافيها كي لا تحلّ محل المدرسة، وهنا يبرز دور وزارة التربية والتعليم في إصدار تعليمات صارمة تضبط فيها هذه المنصّات وتعمل على تطويرها واستثمارها الاستثمار الأفضل، وتوازن بين ما للمنصّات وما عليها، ووزارة التربية قادرة حتما على هذا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد