الأردن والإمارات… «ممرّ البيانات» الذكي إلى أوروبا

mainThumb

06-11-2025 01:03 PM

الكاتب _ الدكتور رامي شاهين
من مشروع سياسي بلا جدوى إلى مشروع سيادي يُسدِّد الدين ويخلق وظائف ويضع الأردن على خريطة الذكاء الاصطناعي

عمّان – بينما ينشغل النقاش العام بمشاريع «كوريدورات» داخلية لا تُضيف للاقتصاد شيئًا، تتكوّن أمام الأردن فرصةٌ إقليمية نادرة: ممرّ بيانات بري سيادي يربط قدرات الحوسبة الإماراتية المتسارعة بأوروبا عبر الأردن، ويُحوِّل المملكة إلى عقدة عبور رقمية (Transit Hub) وموقعٍ لمراكز بيانات وخدمات سيبرانية عالية القيمة. الدافع؟ تحوّلٌ حقيقي في خرائط الإنترنت والذكاء الاصطناعي بالمنطقة، ومساعٍ جادّة لبناء طرق بديلة أكثر أمانًا من البحر الأحمر.

لماذا الآن؟

مسار جديد نحو أوروبا يتبلور إقليميًا: تقارير دولية كشفت مباحثات متقدمة بين السعودية وسوريا لإنشاء شبكة ألياف تربط الخليج مباشرة بأوروبا برًّا – مشروع «SilkLink» – ما يخلق نافذة مرور برية عبر الأردن نحو المتوسط.

هشاشة البحر الأحمر باتت مكلفة: انقطاعات الكابلات البحرية في 2024–2025 أعادت التذكير بمدى هشاشة المسار البحري وتأثيره على سرعة وخدمات المنطقة، ودَفعت للبحث عن مسارات بديلة منخفضة الكمون وأكثر أمانًا.

قدرات إماراتية تتوسع بسرعة: من استثمار مايكروسوفت بـ1.5 مليار دولار في G42 إلى خطط «خزنة» لزيادة أكثر من 1 غيغاواط من السعات عبر الشرق الأوسط وأوروبا خلال السنوات الخمس المقبلة، الطلب على ممرات موثوقة إلى أوروبا يتصاعد. وفي 5 نوفمبر 2025، أُعلن أيضًا عن توسعة 200 ميغاواط في الإمارات تُنفّذ عبر «خزنة».

تكامل المتوسط: مشروع Medusa بدأ إجراءات الهبوط في طرطوس، ما يعزّز مسارات المتوسط ويزيد فرص الربط شرق–غرب، وهو ما يُمكن للأردن استثماره عبر معابر برية محمية.


أين تتقاطع مصلحة الأردن والإمارات؟

الإمارات تبني طبقة الحوسبة الفائقة (Supercomputing/AI Compute) وتوسّع حضورها الأوروبي.

الأردن يمتلك موقعًا محوريًا واستقرارًا تنظيميًا ورؤية وطنية للذكاء الاصطناعي (إستراتيجية 2023–2027)، ما يهيّئه ليكون «الممرّ الذكي» منخفض الكمون بين الخليج وأوروبا.


ما هو «SilkLink» وما علاقته بالأردن؟

المعطيات المتاحة تشير إلى مشروع وطني للألياف في سوريا بقيمة 400–500 مليون دولار، بطول يقارب 4,500 كلم، وبسعة قد تصل إلى 500 تيرابت/ث، لتجاوز هشاشة البحر الأحمر وفتح طريقٍ بري نحو المتوسط. أي مسارٍ بريّ بين الخليج والمتوسط سيحتاج بطبيعته إلى العبور عبر الأردن لضمان الاستمرارية والأمن وانخفاض الكمون.


---

خارطة طريق عملية خلال 12 شهرًا

1. إعلان سيادي: إطلاق مبادرة Jordan–EU Data Corridor باعتبارها مشروع بنية تحتية وطنيًا ذا أولوية.


2. اتفاقيات مرور للألياف: تفاهمات ثلاثية (الإمارات–الأردن–السعودية/سوريا) لتأمين الحقوق والربط عند العمري–جابر عبر نقاط تبادل محايدة (Carrier-Neutral).


3. سوق «ألياف مُعتمة» (Dark Fiber): تمكين المشغّلين – ومنهم شركاء إماراتيون – من استئجار مسارات طويلة على محاور عمّان–المفرق–الرمثا ومعان–العقبة.


4. نقطة تبادل إنترنت وطنية (IXP): إنشاء IXP Tier-1 في عمّان مع وصلات مباشرة إلى مرسيليا/باليرمو/بالما.


5. حوافز لمراكز البيانات: إعفاءات جمركية وضريبية لمعدات DC، وتخصيص أراضٍ لطاقة شمسية ورياح في معان/الطفيلة بعقود شراء طويلة (PPA).


6. Landing-Lite: ربطٌ افتراضي مع مواقع الهبوط البحرية في طرطوس/اللاذقية عبر مسار بري محمي إلى أن تكتمل الكوابل الجديدة.


7. سيادة البيانات والأمن: إطار سحابة سيادية أردنية متوافق مع ENISA/ISO ومتطلبات حماية البيانات الأوروبية (DPA) لتسهيل تجارة الخدمات الرقمية.


8. تعرفة عبور تنافسية: نموذج شفاف لسعات 100/400/800G مع اتفاقيات مستوى خدمة (SLA) للكمون.


9. اتفاق أردني–إماراتي تنفيذي: استقطاب Khazna وG42 لبناء Edge DC في عمّان ونقطة حضور (PoP) في المفرق لربط شبكات الإمارات مباشرة.


10. وحدة أمن سيبراني مشتركة: SOC أردني–إماراتي لتأمين المسار ونقاط التبادل، واختبارات اختراق وخطط استمرارية أعمال.


11. رأس مال بشري: برنامج مهارات لـ 5,000 مهندس شبكات/سحابة/DC بالتعاون مع شركاء الإمارات ومايكروسوفت.


12. تسويق دولي: حملة Jordan: Europe’s Low-Latency Gateway from the Gulf تستهدف مقدّمي المحتوى (Hyperscalers/OTT/CDNs).




---

مؤشرات قياس النجاح (إرشادية تُحدّد نهائيًا بعد جدوى تفصيلية)

خفض الكمون بين أبوظبي–عمّان–مرسيليا ≥30%.

إضافة ≥120 تيرابت/ث من السعات العابرة خلال 18 شهرًا.

اجتذاب ≥300 ميغاواط قدرات مراكز بيانات خلال 3 سنوات.

5–7 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في الألياف ومراكز البيانات والأمن السيبراني.


المخاطر وكيف تُدار

جيوسياسي/تنظيمي: تُعالج باتفاقيات عبور متبادلة وحوكمة شفّافة للمسار.

تقني/أمني: تنويع المسارات (Diverse Routes)، تشفير شامل، وSOC مشترك.

الطاقة والبنية: مزيج متجدد مع PPA وتخصيص أولوي للاحمال الحيوية.

الأردن ليس محكومًا بخياراتٍ إعلاميةٍ سطحية؛ بل أمامه مشروع سياديّ حقيقي يخلق عائدًا ماليًا وفرص عمل، ويُسهم في تخفيض الدين عبر صناعة عبور رقمية ذات هوامش مجزية. فإذا تحرّكنا بسرعة، سنحوّل «قضية الكابلات» من تهديدٍ إلى ميزةٍ تنافسية: ممرٌ بريٌّ آمن يربط حوسبة الإمارات العملاقة بأوروبا ويثبت الأردن بوابةً رقميةً سيادية بين الخليج وأوروبا.


0 ملاحظة تحريرية: ما ورد من أرقامٍ تشغيلية وتقديرات توظيفٍ هو إطارٌ إرشادي لصياغة القرار، ويُثبّت بعد دراسات جدوى تفصيلية للطاقة والطلب ومسارات الحماية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

خبير اقتصادي يحدد نقطة الانهيار في ظل الارتفاع المتصاعد لتكاليف المعيشة

غزة: دخول 4453 شاحنة منذ بدء وقف إطلاق النار

إطلاق منصة موحدة لإدارة المعلومات التربوية أجيال

لجنة صحة الميثاق تزور مركز الأميرة بسمة الصحي

الأحوال المدنية: البلديات شريك في تطوير بيئة العمل والخدمات الحكومية

الأردن وفلسطين يوقعان مذكرة لتعزيز الربط الكهربائي

الجيش الأميركي يعتزم تأسيس وجود في قاعدة جوية في دمشق

دورة ألعاب التضامن الإسلامي تنطلق رسميا الجمعة في الرياض

افتتاح فعاليات مهرجان الزيتون العجلوني

الطيران الحربي الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على جنوب لبنان

وزارة الزراعة تعلن استقبال طلبات استيراد زيت الزيتون

الفيفا يطلق جائزة للسلام خلال قرعة مونديال 2026

قانون التأمين الجديد ينظم العقود ويجرّم الكروكات

وزير الأوقاف يبحث ونظيره الفلسطيني تعزيز التعاون لخدمة الحجاج

الصداقة الأردنية الروسية في الأعيان تلتقي السفير الروسي لدى المملكة