جريمة على شاطى العشاق .. الفصل الثاني عشر

mainThumb

06-11-2025 10:25 AM

الصفحة الأخيرة
مواجهة من نوع آخر
سكتت نعمة، لكن لم تذرف دمعة واحدة، وكأن الحزن جفّف منابع الدموع في عينيها. قالت بحدّةٍ تخترق الصمت:
– أكيد منال قتلته!
لمعت عينا النقيب منى بدهشة وسألتها:
– وهل كنتِ تعلمين بزواجه من منال؟
أجابت نعمة متفاجئة:
– لا! وهل تزوجها فعلًا؟! لقد اتصل بي يومها، وكانت هي معه، ولأنني أعرف خبايا الفيلا، جلست أستمع إلى حديثهما. كانت تقول له: "أحس بوجود امرأة في الفيلا"... أما هو فبقي صامتًا، لا يدري ما يقول، وفي عينيه نظرة حيرة واستغراب.
وأضافت بحرقة:
– خرجت من الباب الخلفي وأنا أبكي دمًا، لا دموعًا. هل تشعرين بذلك يا نقيب؟ أن تلقي امرأة أخرى مع زوجك في بيته، والغريبة أنها صديقتي! منال صديقتي، وسرقت مني زوجي!
تنهّدت ثم تابعت بصوتٍ متهدّج:
– والمصيبة أنني لم أستطع الدفاع عن مملكتي أو حتى سؤاله: من الذي أدخلها إلى بيتي؟
دموع لا تبكي
حاولت منى أن تخفّف من ثقل الموقف فقالت بهدوء:
– هل كانت منال تعرف أنك زوجة عبدالعزيز؟
ردّت نعمة ببرودٍ يائس:
– بالتأكيد ، فهي صديقتي.
فقالت منى وهي تحاول أن تضبط انفعالها:
– كنتِ موجودة ليلة مقتله، أقصد تلك الليلة التي رأيتِ فيها منال… كانت ليلة زفافها على عبدالعزيز!
صرخت نعمة بغضب:
– يا له من وغد! كنت أتمنى أن أقتله. لقد قتلني حين خانني مع صديقتي!
ثم قالت وهي تلتفت يمينًا وشمالًا:
– أكيد منال هي القاتلة! لو لم تفعلها هي، لكنتُ أنا من فعلها بيدي. لقد كان يتلاعب بي كما تتلاعب الرياح بأوراق الشجر.
وبين شهقاتٍ مكتومة قالت:
– عبدالعزيز قتلني، استغفلني وتزوج من كانت تسكن قلبي وصحبتي.
ظلت نعمة تبكي بحرقة، ولم تستطع النقيب منى أن تواصل الحوار معها، فنهضت قائلة بهدوء:
– لا تغادري البلاد. ربما نطلب حضورك مجددًا. أتمنى أن تصغي لتحذيراتي، وإلا سنعتبرك المشتبه الأولى في الجريمة.
لقاء غير متوقّع
خرجت منى من المستشفى وهي تبكي، إذ تذكّرت صديقتها هدى. لأول مرة تفقد النقيب منى تماسكها، تنحّت الجديّة جانبًا، وسمحت لعاطفتها بأن تفيض.
لكن طرقات خفيفة على نافذة سيارتها أخرجتها من دوّامة الحزن، فإذا بـالنقيب محمد يقف بابتسامة لطيفة:
– نقيب منى، هل فرغتِ من سوالف الحريم مع الدكتورة نعمة؟
ضحكت رغم دموعها، فردّت:
– نعم، انتهيت. إنها ضحية أخرى من ضحايا عبدالعزيز.
ثم أضافت:
– هل تعلم أن منال كانت صديقتها؟
أجاب محمد بنبرة جادة:
– لديّ معلومات جديدة عنها. عبدالعزيز تنازل عن عمارةٍ كاملة باسم الدكتورة نعمة، قيمتها تقارب المليون ريال. ولديّ وثائق تؤكد أن التنازل تمّ قبل مقتله بساعات.

توقفت منى مذهولة، فقال محمد:
– لا تدعي دموع النساء تخدعكِ، أيتها النقيب، فبعضها دموع تماسيح.
اجتماع الغموض
مسقط
تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا.
جلس العميد حمد في مكتبه محاطًا بضباطه قائلاً:
– هذه القضية من أعقد القضايا التي واجهناها، كل خيط نمسكه ينفلت بين أيدينا.
المقدم سالم مستأذنًا بالحديث، فقال العميد:
– تفضل يا سالم.
– سيدي، رغم الغموض، أحرزنا تقدمًا. عدت لتوي من فيلا عبدالعزيز، ووجدت دفتر مذكراته اليومية. يبدو أنه كان مولعًا بالتدوين.

قال العميد مبتسمًا:
– جميل، فلنسمع ما كتبه.

بدأ المقدم سالم يقرأ بصوتٍ واضح:

> "في هذا اليوم نقلتُ ملكية فيلتي إلى حبيبتي وزوجتي منال. منال التي أعشقها بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهي المرأة التي بحثت عنها طوال حياتي. يعجبني كبرياؤها، وأظنها من سلالةٍ ملكية، فحتى إن سقط منها ريال، لا تنحني لالتقاطه!"
ضحك العميد وقال مازحًا:
– يبدو أنه كان عاشقًا بامتياز! حتى نابليون العظيم كان ضعيفًا أمام جوزفينه.

تابع سالم القراءة:
> "غضبت منال عندما علمت أنني لم أطلق زوجاتي كما وعدتها. لا أدري من أخبرها بذلك. أصرت على أن أطلقهنّ قبل الزفاف رغم أنني كتبت لها الفيلا باسمها..."
قالت النقيب منى مقاطعة:
– إذن منال كانت تعلم بزواجهما من قبل، لكنها أنكرت أثناء التحقيق.

وأضاف النقيب محمد متدخلاً:
– نعم، وهي المستفيدة الأكبر من مقتله، بعد أن حصلت على الفيلا، فيما نالت زوجتاه السابقتان نعمة وفايزة عمارةً ومزرعةً كلٌّ باسمها.
تأمل العميد وقال:
– سؤال مهم: من الذي وشَى لِمنال بأن عبدالعزيز لم يطلق زوجاته؟
قلب المقدم سالم الصفحة الأخيرة من المذكرة، وقرأ:
> "لقد أجبرتني على طلاق نعمة وفايزة، ولكني عوضتهما بالتنازل عن أملاكي. أما أنتِ يا..."
ثم توقّف فجأة:
– هنا تمزقت الورقة، سيدي. لا نعرف لمن كتب هذه الكلمات.
ساد الصمت، والكل يحدّق في الورقة الممزقة. قال العميد بلهجةٍ غامضة:
– يبدو أن الصفحة الأخيرة أخفت أكثر مما كشفت.

قالت منى بنبرةٍ واثقة:
– منال المستفيدة من كل شيء... الطلاق، الفيلا، والزوج وحدها.
ثم نظرت إلى زملائها وقالت:
– لكن الورقة الممزقة ستتحدث… يوماً ما.

يتبع..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد