اقتصادي: ذكريات حرب غزة صنعت ثقافة مقاطعة يصعب التراجع عنها

mainThumb
مقاطعة

15-11-2025 06:00 PM

عمان – السوسنة - سجود بطاينة - لم تكن الحرب الأخيرة على قطاع غزة مجرد حدث عسكري عابر، بل شكّلت نقطة تحوّل عميقة في الوعي العربي، وتحديداً في الشارع الأردني المعروف بقربه التاريخي والجغرافي والوجداني من القضية الفلسطينية.

فقد تحوّلت المقاطعة الاقتصادية للمنتجات والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي من مبادرة هامشية إلى سلوك استهلاكي يومي، وإلى فعل مقاومة شعبي منظم وواسع الأثر.

وقبل توقف الحرب، كانت المقاطعة تُدار بدافع الغضب والنصرة، إذ شهدت المتاجر والمطاعم انحساراً ملحوظاً في الإقبال على العلامات التجارية الداعمة للاحتلال، مقابل ازدهار غير مسبوق للمنتج الوطني الذي أثبت جودته وقدرته على المنافسة.

ومع انتهاء الحرب على قطاع غزة، برز تساؤل مهم حول مستقبل هذا الحراك الشعبي: هل ستعود ثقافة الاستهلاك القديمة، أم أن المقاطعة باتت هوية استهلاكية مرتبطة بالقيم، وتحولت إلى ثقافة مجتمعية راسخة؟

وقال المحلل الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري إن المقاطعة أصبحت ثقافة مجتمعية حقيقية مرتبطة بذكريات الحرب على غزة، لافتاً إلى أن المستهلك الأردني يشعر بأنه يؤدي جزءاً من واجبه من خلال مقاطعته للشركات والبضائع الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف أن السوق شهد تراجعاً بسيطاً في زخم المقاطعة بعد توقف الحرب، لكنه لا يزال مستمراً بشكل لافت، مؤكداً أن السوق الأردني لم يشهد مقاطعة بهذا الحجم أو بهذه الدرجة من التأثير من قبل.

وأشار الحموري إلى أن العديد من الشركات العالمية تأثرت بالمقاطعة، ما دفع بعضها إلى إغلاق فروع، فيما تغيّر ارتباط بعض المولات والمؤسسات التجارية بعلامات أجنبية لتجنّب تأثيرات المقاطعة.

وأوضح أن لهذه المقاطعة آثاراً إيجابية بطبيعتها على المنتج الوطني الأردني، خاصة في قطاعات مثل المشروبات الغازية، إذ ظهر المنتج المحلي بقوة واستحوذ على حصص سوقية متنامية. كما ارتفعت مبيعات العديد من العلامات الأردنية، وبرزت مطاعم ومحال محلية بديلة للمنتجات الأجنبية.

وأكد أن هذه الآثار الإيجابية استمرت حتى بعد توقف الحرب، وأسهمت في ازدهار القطاع الصناعي الأردني وزيادة حجم المبيعات.

وبيّن الحموري أن المقاطعة لم تقتصر على الأردن، بل باتت ظاهرة إقليمية وربما أبعد من ذلك، ما دفع القطاع الصناعي إلى زيادة إنتاجه لسد الفجوة التي خلقتها موجة المقاطعة. ويرى أن ذلك يشير إلى نشوء أنشطة جديدة وافتتاح مصانع إضافية.

وشدد على أن المحال والشركات والمصانع الأردنية تقف اليوم أمام تحدي تحسين الإدارة وتجويد المنتج والخدمات، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على مشاعر المستهلك الداعمة للمقاطعة، بل استثمار هذه الفرصة بشكل مستدام من خلال البحث والتطوير وتحسين الجودة وخفض الأسعار قدر الإمكان.

ودعا القطاعات المختلفة، وخاصة القطاعين العام والخاص، إلى الاستفادة من هذه الثقافة الجديدة لتعزيز الإقبال على المنتج الوطني وتعميق دعائم الاقتصاد المحلي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد