التأمين الصحي عبر الضمان الاجتماعي

mainThumb

15-11-2025 06:19 PM

يشكّل التأمين الصحي أحد أهم ركائز الحماية الاجتماعية في الدول الحديثة، ويمثل مؤشرا حقيقيا لمدى التزام الدولة بكرامة الإنسان وعدالة توزيع الخدمات. وفي الأردن، يتصدر موضوع التأمين الصحي عبر مؤسسة الضمان الاجتماعي قائمة القضايا التي تستحق نقاشا وطنيا جادا، لما له من أثر مباشر على الأمن الاجتماعي والمعيشي، خصوصا لفئة المتقاعدين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن.
رغم التطور الكبير الذي حققته المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في مجالات التقاعد والعجز والوفاة، إلا أن مظلة التأمين الصحي ما تزال جزئية ومجزأة. فالكثير من المتقاعدين يفتقرون إلى تغطية صحية كافية بعد تقاعدهم، في وقت تتزايد فيه الاحتياجات الطبية وتكاليف الرعاية الصحية، ما يجعلهم أمام خيارات محدودة وأعباء مالية ثقيلة.
المتقاعد الذي أسهم لسنوات في تمويل صندوق الضمان الاجتماعي، يتوقع أن يستمر الصندوق في حمايته بعد انتهاء خدمته. غير أن الواقع يكشف عن فجوة تحتاج إلى معالجة عاجلة، إذ لا يزال التأمين الصحي خارج الإطار الشامل الذي يضمن المؤسسية وبالتالي العدالة والاستدامة. أن دمج التأمين الصحي ضمن أنظمة الضمان الاجتماعي، يحقق كفاءة مالية أكبر ويضمن خدمات متوازنة، من خلال تجميع المخاطر وتنسيق الموارد الصحية وبالتالي تحسين الشراء (الشراء الذكي).
الأردن يمتلك بنية مؤسسية متقدمة وخبرة تراكمية كبيرة في إدارة صناديق الضمان والرعاية الصحية. غير أن التحدي الحقيقي يكمن في التنسيق بين الضمان الاجتماعي ووزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية ضمن إطار وطني موحد.
يمكن للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن تطلق صندوقًا صحيا خاصا بالمتقاعدين بإدارة مستقلة، يضمن الشفافية، ويحقق التوازن بين الخدمة والتمويل. كما أن تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص في مجال التأمين الصحي يمكن أن يسهم في تحسين نوعية الخدمات وتقليل النفقات.
إن توسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع متقاعدي الضمان الاجتماعي ليس ترفا، بل ضرورة وطنية تمسّ العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي ويمهد الطريق نحو مظلة وطنية شاملة تحمي المتقاعدين. فالمتقاعد الذي يشعر أن الدولة لم تتخلَّ عنه بعد التقاعد، سيبقى شريكا إيجابيا في مسيرة البناء والعطاء. لقد آن الأوان لأن ننتقل من مرحلة النقاش إلى مرحلة الفعل والسياسات الواضحة، فالصحة بعد التقاعد ليست منّةً، بل حق وطني يجب أن يُصان ضمن منظومة ضمان اجتماعي متكاملة ومستدامة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد