المربعانية بين الموروث الشعبي والعلم .. جدل يتجدد سنوياً

المربعانية بين الموروث الشعبي والعلم ..  جدل يتجدد سنوياً

20-12-2025 03:12 PM

السوسنة - مع دخول مربعانية الشتاء، يعود الجدل السنوي بين ما يقوله الموروث الشعبي وما يثبته العلم، حول طبيعة هذا الفصل القصير ثقيل الحضور في الذاكرة والمناخ.

أربعون يوما يترقبها الناس بأمل، يربطون بدايتها بنهايتها، و المربعانية هي الفترة التي تبدأ عادة في الحادي والعشرين من كانون الاول وتستمر حتى نهاية كانون الثاني، وتعد من أبرد فترات السنة في بلاد الشام، حيث تتدنى درجات الحرارة ويزداد احتمال الصقيع والانجماد، وتكون المنخفضات الجوية أكثر تأثيرا، وإن اختلفت حدتها من عام إلى آخر.

في الموروث الشعبي مقولة راسخة تقول إن المربعانية إذا بدأت ممطرة استمرت ممطرة، وإذا دخلت جافة بقيت جافة، وهي مقولة تناقلتها الأجيال واستندت إلى ملاحظات طويلة الأمد، لكنها تبقى في ميزان العلم بحاجة إلى تفكيك وقراءة أدق.

أما علم الأرصاد الجوية لا يتعامل مع الفترات المناخية على أساس يوم أو أسبوع واحد، بل يعتمد على أنماط جوية واسعة النطاق، مثل حركة التيارات الهوائية، وموقع الكتل الباردة، وتذبذب الضغط الجوي، وتأثيرات ظواهر عالمية.

لذلك فإن العلم يقول أن بداية المربعانية باردة دون مطر لا تعني بالضرورة موسما جافا، كما أن بدايتها الممطرة لا تضمن استمرار الهطولات طوال أيامها.

في هذا السياق يقول مدير إدارة الأرصاد الجوية المهندس رائد رافد آل خطاب إن الربط بين بداية المربعانية ونهايتها من باب الموروث لا من باب العلم، موضحا أن الهطول المطري في منطقتنا يتأثر بتعاقب المنخفضات الجوية ومساراتها، وليس بتوقيت ثابت أو قاعدة واحدة. ويضيف أن المربعانية قد تدخل ببرودة شديدة دون أمطار بسبب سيطرة مرتفع جوي بارد وجاف، ثم تعوض لاحقا بمنخفضات فعالة، أو العكس تماما.

ويشير آل خطاب إلى أن ما يميز المربعانية علميا هو انخفاض المعدلات الحرارية مقارنة ببقية الشتاء، وزيادة فرص تشكل الصقيع والانجماد، لا ضمان الهطول المطري، مؤكدا أن قراءة الموسم تحتاج متابعة مستمرة للخرائط الجوية، لا الاكتفاء بإشارات الأيام الأولى.

وبينما يبقى للموروث الشعبي سحره وحكمته المستمدة من التجربة، يوضح العلم أن المناخ أكثر تعقيدا من قاعدة واحدة. فالمربعانية قد تحمل بردا قاسيا بلا مطر، أو مطرا غزيرا دون تطرف حراري، وقد تجمع الاثنين معا في بعض الأعوام، لتبقى هذه الأربعون يوما مساحة مفتوحة بين الذاكرة الشعبية وحسابات الغلاف الجوي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد