حكم الإسراف في الماء

mainThumb

12-02-2013 02:22 PM

السوسنة - أصدرت دائرة الافتاء العام البيان التالي، ردا على سؤال ما هو الحكم الشرعي في الإسراف في الماء؟

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:

جعل الله تعالى الماء قوام الحياة لكل الكائنات في الأرض ، فلا يعيش بدونه إنسان ولا حيوان ولا نبات، فبه يسقى الزرع، ومنه يشرب الإنسان والحيوان، وهو أكثر النعم انتشاراً على سطح الأرض، قال الله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" (30 الأنبياء).

ومن هنا فقد حث الإسلام على الحفاظ على الماء وتخزينه وحسن استغلاله وحرم هدره  وإفساده والتفريط فيه، لأنه نعمة كبرى تتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها.

وهذه النعمة العظيمة إن حافظنا عليها حسب التوجيهات الدينية الكريمة دامت وسعدنا بها، كما أنها تزول وتفقد بهدرها والإسراف في استعمالها لقوله تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتكم إن عذابي لشديد" (إبراهيم: 7).

فالواجب علينا جميعاً أن نعمل على حفظ الماء وصيانته من كل ما يفسده أو يضيعه، والمحافظة عليه بتجميعه في سدود واسعة وأماكن معدة لذلك، وحفظه في خزانات محكمة وآبار طاهرة، ولا نفرط في أي نقطة من هذا الماء المبارك الذي أنزله الله تعالى نعمة لنا، قال الله تعالى: "ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد، والنخل باسقات لها طلع نضيد" (ق: 10).

ولأهمية هذه المادة المهمة في الحياة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في استعمالها، ولو كان للعبادة كالوضوء أو الغسل، فقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم على سعدٍ وهو يتوضأ، ورآه عليه  الصلاة والسلام قد أسرف في الوضوء، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما هذا السَّرَف؟ فقال: يا رسول الله، أفي الوضوء إسراف؟ فقال: نعم، ولو كنت على نهر جارٍ)، رواه ابن ماجه.

ولهذا حدد الفقهاء مقدار الحاجة لغسل العضو - والحاجة الشرعية تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال - فإن زاد عن الحاجة فهو إسراف، والإسراف في الماء إذا كان مملوكاً للشخص نفسه فهو مكروه، وأما إذا كان مملوكاً للغير ولم يعلم رضاه بالإسراف أو كان موقوفاً كما هو الحال في أماكن الوضوء الموجودة في المساجد، فإن الإسراف في الماء عندئذ محرم عند جميع الفقهاء، لأنه مال موقوف لا يجوز أن يستخدم إلا بقدر الحاجة.

ولأهمية الماء في الإسلام، حدّد النبيّ صلى الله عليه وسلم الكمية التي ينبغي للمسلم أن يتوضأ ويغتسل بها، ففي الحديث الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم "كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد"، والصاع يساوي (2.75 لتر ماء)، والمد يساوي (687 ملليلتر ماء).

وهذا بيان لأقل ما يمكن به أداء العبادة عادة، وليس تقديراً لازماً.

ونحن في الأردن من الدول الفقيرة بالماء، بل من أشدها فقراً، لذا يتأكد علينا المحافظة على الماء، وذلك بعدم الإسراف به، والقيام على صيانة السدود وشبكات المياه والمحافظة على مياه الأمطار من الهدر والضياع بغير فائدة، وشكر نعمة الله تعالى بحفظها والاستفادة منها على الوجه الأكمل.

والحمد لله رب العالمين - دائرة الإفتاء العام



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد