الرعاية التلطيفية حياة أطول لمرضى السرطان

mainThumb

13-02-2016 02:09 PM

السوسنة - يدعو متخصصون ومرضى الى اعتماد الرعاية التلطيفية في المؤسسات الطبية وإدراجها ضمن خطط وزارة الصحة الاستراتيجية، وإنشاء وحدات خاصة للعناية بالمرضى في المراحل الأخيرة من مرضهم، وإدخال مفهوم الرعاية التلطيفية ضمن منهاج كليات الطب والتمريض والصيدلة، ومناهج التدريب لدى المجلس الطبي الاردني والمستشفيات التعليمية.
 
ويؤكد هؤلاء أن مختلف دول العالم تهتم بتخصص الرعاية التلطيفية في علاج الأمراض المزمنة، فيما لا يزال في الأردن يراوح مكانه، ولا يمارس سوى في مؤسستين طبيتين، ونسبة المتخصصين فيه لا تزيد عن واحد بالمئة، في الوقت الذي تأسست فيه ما يزيد على مئة وحدة متخصصة في الرعاية التلطيفية حول العالم.
 
تُعرف منظمة الصحة العالمية الرعاية التلطيفية بأنها "مجموعة الجهود الطبية المقدمة من فريق متعدد الخبرات للمرضى، الذين يواجهون أمراضاً مزمنة، بهدف تحسين نوعية الحياة ورفع المعاناة عنهم وعن عائلاتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات البدنية والنفسية والاجتماعية والروحانية".
 
عندما أصيب (أبو أيمن)، بمرض سرطان البنكرياس، اخبره طبيبه حينها؛ بأن لا شفاء من هذا المرض،ولكن بعد أن استفاد من الرعاية التلطيفية، تغيرت حالته النفسية، وتحسنت حالته الصحية، وبعد مرور ثماني سنوات تعافى تماما من المرض، بعدما وصل إلى حالة من اليأس والاحباط، ليكون نصيبه العمل في الرعاية التلطيفية، كي يزرع البسمة من جديد لكل من فقد الأمل في حياته.
 
أما علي محمد، الذي اجريت له ثلاث عمليات في الحنجرة خلال أربعة أشهر، تكبد خلالها مشقة ومعاناة وصعوبات، فقد منحته الرعاية التلطيفية والمساعدة الطبية التي توفرت له من خلال الاطباء والمعالجين النفسيين والكادر التمريضي، القوة للخروج من الأزمة، مبينا أن المتابعة العلاجية والنفسية ساعدته في الشفاء والخروج من محنته.
 
يعتبر رئيس جمعية الرعاية التلطيفية الاردنية الدكتور محمد بشناق، أن قلة أعداد المتخصصين في الرعاية التلطيفية في الاردن، دفع الجمعية لاستحداث دبلوم في الرعاية التلطيفية بالتعاون مع جامعة العلوم التطبيقية، وهو الاول من نوعه في العالم العربي، حيث تخرج خلال الاربع سنوات الماضية أكثر من خمسين طالبا من أطباء وممرضين وصيادلة.
 
ويؤكد أن الجمعية اختارت خمسين شخصا هذا العام لتدريبهم، نصفهم يعملون في مستشفيات خاصة في مختلف المحافظات، والنصف الآخر مدرسون في كليات الطب والتمريض والصيدلة، بحيث يتم تدريس هذه المادة لطلاب الطب والتمريض والصيدلة، لغايات نقل ما تعلموه من الرعاية التلطيفية، لتكوين جيل من الاطباء والتمريض والصيادلة لديهم مفهوم بالرعاية التلطيفية .
 
ويطالب بشناق وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة والمجلس الطبي، بأن يعيدوا النظر في هذا التخصص، لما له من أثر كبير في تخفيف معاناة المريض وتحسين حياته، مبينا أن الرعاية التلطيفية تقوم على عدد من المبادئ والأسس، منها وجود خبراء في علاج الألم والأعراض المصاحبة للمرض، ثم النظرة الشمولية في التعامل مع المريض في الجانب النفسي والاجتماعي والسلوكي والروحاني، لتحسين طبيعة الحياة بشكل متكامل، حتى في الحالات المتأخرة للمرض من خلال تأمين فريق رعاية منزلية لرعايته بشكل مستمر، وتعليم الأهل كيفية التعامل مع المريض، بما يسهم في بث روح الأمل والإرادة في تخطي معاناته والنهوض من جديد للحياة.
 
ويؤكد أن الرعاية التلطيفية تخفف من أعراض المرض وتحسن نوعية الحياة لهؤلاء المرضى، بحيث يعيش المريض في نطاق اسرته ضمن أجواء الرعاية التلطيفية فترة أطول من المرضى الذين يتلقون فقط العلاج التقليدي.
 
وتخفف الرعاية التلطيفية، بحسب ما يقول بشناق، من الأعباء المالية، لأن العلاج عن طريق (وحدة العناية المركزة) لمدة شهر هو أكثر كلفة مقارنة بمن يتلقون العلاج التقليدي والرعاية التلطيفية، مؤكدا أهمية إدخال مفهوم العناية الطبية في المناهج التدريسية وإنشاء وحدات خاصة للعناية بالمرضى في المراحل الأخيرة من مرضهم.
 
ويدعو بشناق الى استخدام المهدئات لأنها لا تشكل ادمانا للمريض إلا إذا استخدمت بشكل خاطئ، فالمريض في المراحل الأخيرة من حياته يجب أن يعطى المهدئات لتخفيف الألم، وعدم تعريضه لكمية هائلة من الادوية والأجهزة التي ربما لا تفيده، ومن الأهمية البالغة زيادة وعي الأطباء والكادر الطبي في التعامل مع الأفيونات وطرق علاج الأعراض الجانبية التي يتعرض لها المريض.
 
ويقول "إن دورنا في الرعاية التلطيفية أن يفرغ المريض شحنته ويتحدث عن أفكاره ومشاعره سواء أكان خائفا أم حزينا، ومن ثم نعرض عليه كيفية مساعدته، ويكشف عما بداخله من قوة لمواجهة حياته اليومية، بما يدعم أفكاره الايجابية، لتتحول إلى عادات يومية، فتصبح حياته لها معنى آخر، إذ أن معاناة المريض تجعله يفقد معنى لحياته".
 
وتطالب المعالج النفسي والاجتماعي في المستشفى الاستشاري الدكتورة احلام العتوم، المجلس الطبي والمستشفيات بإدخال المفهوم التدريبي في الرعاية التلطيفية، وإعطاء أولوية لها ضمن استراتيجيتها، فمن المهم التعامل مع المريض بكافة جوانبه الجسدية والنفسية والاجتماعية والروحانية، فهو عامل حاسم في تجاوب المريض للعلاج وتسكين الألم، وبالنظر الى قانون الصحة العامة نجد أنه لم يعط اهتماما كافيا للصحة النفسية كباقي الأمراض.
 
وقالت "إن العديد من الاطباء يحرصون على عدم اعطاء المريض المسكنات والمهدآت كمسكن المورفين، خوفا من أن يعتاد الجسم على ذلك، بينما استخدامه يتم في حالات محددة ضمن خطة طبية يضعها الاطباء لتخفيف الألم لدى المريض، فمن حق المريض أن لا يشعر بالألم أو الخوف أو المعاناة في كل مراحل حياته".
 
وتتمثل الرعاية التلطيفية، حسب الدكتورة العتوم، بعدد من الجوانب البدنية التي تخفف الألم عن المريض من خلال المسكنات أو التدخل الجراحي أو الشعاعي، والاهتمام بالجوانب النفسية كعلاج الاكتئاب والقلق والخوف المصاحب للمرض، والجوانب الروحية من خلال العلاقة الدينية وعلاقة المريض مع نفسه، ثم تنمية الجانب الروحاني ومهارات التواصل.بترا
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد