هنيئا لمن غرد خارج السرب!

mainThumb

16-03-2016 12:01 AM

 كثيراً ما يوصف سلوك فردٍ أو دولةٍ أو جماعة بإنه تغريدٌ خارج السرب نسبة لاتخاذه موقفاً أو مساراً لا يتفق مع سلوك السرب أو الجماعة على اعتبار أن رأي الجماعة مسلم به ومسير السرب أولى بالاتباع وبالتالي فإن من يختلف مع هذه النظرة فلا بد أنه خرج عن المألوف.

عندما يحلق السرب بعيدا نحو المجهول ويقوده مسيّرون من خارجه ويصبح حداء المسير ضوضاءً ونعيقاً لا يطرب أحدا عندها لا بد أن من يغرد خارج السرب هو من يطرب الآخرين بل قد يكون هو ضابط الإيقاع حتى لا يهوي السرب الى القاع.
اليوم في ظل تشتت الأمة والإنقسام الشديد بين أبناءها حيث صار وطن العروبة كالحطام مبعثرا كم نحن بحاجة لمن يغرد خارج السرب ايجابيا فاليوم حريٌّ بنا أن نسند ونؤازر موقف من يفكر خارج الصندوق ويتحدى الساديين من المستبدين ممن استولى على دفة القيادة عنفاً أو زوراً أوبهتان.
في القرآن الكريم تم التأكيد في أكثر من مقام على أن رأي الجماعة أو الرأي العام ليس بالضرورة هو الذي يحقق مصالح الأمة أو الأولى بأن ُيتبع فمن ذلك- مثالا- قوله تعالى"وأن تتبع اكثر الناس يضلوك" وفي مقام اخر "وقليل من عبادي الشكور" و "وما أكثرهم ولو حرصت بمؤمنين".
ربما كان لدولة قطر حظاً وافراً بوصف مواقفها بأنها تغرد خارج السرب حيث عبرت بوضوح عن وجهة نظر جريئة عبر العديد من اللقاءات والمؤتمرات والاجتماعات بل كثيرا ما وصفت بأنها دولة صغيرة لا يجب أن تلعب مع الكبار إقليميا وعالميا لتثبت دائما أن قيمتها بمواقفها لا بحجم ومساحة في الوقت الذي غرق فيه الكبار في مواقف الابتذال.
 
بقي اختيار أمين عام جامعة الدول من بلد المقر عرفا ثابتا حتى عنما تغير المقر لعقد من الزمن عند مقاطعة مصر حيث تم اختيار الأمين من بلد المقر الجديد ولا نعرف الحكمة من وراء ذلك -إذ لا توجد حكمة أو اصل لهذه الممارسة- ولا نجدها في المنظمات الأخرى وقد أصبحت الجامعة تتبع دولة المقر وكلنا يعرف كيف أن النظام المصري اتخذها مطية لتسويق سياسات لم تكن في صالح الأمة.
موقف قطر من إنتخاب الأمين العام لجامعة دفنتها الشعوب منذ زمن حظي بهذا الوصف –وما أجمله من وصف-فقد دلّ على الشجاعة واحترام الذات في الوقت الذي يغض فيه المجموع النظر عن الموضوع  والمدهش أن لا احداً يجرؤ أن يقدم مرشحا آخر وعندما رشحت السودان شخصية معروفة هو وزير خارجيتها الاسبق الذي يحظى بالاحترام لدى شعوب العرب لم يسمع أحد بترشيحه حيث أن مواصفاته لا تتفق مع الحريصين على رضا أعداء الأمة. 
نادت قطر بتدوير المنصب لكنها لم تعترض على مصرية المرشح بل عارضت شخصه حيث تجمع الآراء على أنه عندما كان بمنصب أهم من الأمين لم نرى منه غيرالعداء للعروبة والوفاء لأعداءها وكم هو مؤلم أن من بين كل الوطنيين المصريين يتم اختيار شخصية منبوذة المواقف لدى العرب والمصريين. 
يذكر هنا أن دولة قطر تبنت باصرار أواسط التسعينات موقفا يدعو الى تدوير منصب أمين عام مجلس التعاون الخليجي وتحقق لها ذلك علماً بأن الأمور كادت تسير على نفس الخطى أي أن يبقى المنصب حقا لدولة المقر فكان ذلك إحدى ثمرات التغريد خارج السرب.
ما أجمل المغردين خارج السرب وما احوجنا إلى جرأتهم التي تأبى دفن رأسها في الرمال ولا تدسها بين الرؤوس جبنا ولا تأبه بالناعقين في دكاكين الاعلام الرخيص ولاتنتبه للمهاترات بل تطرح رأيها وموقفها بحزم وشجاعة ومسئولية وآخر القول كبدايته هنيئا لكل من غرد خارج السرب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد