من هو ابن الرومي ؟

mainThumb

20-12-2017 11:36 AM

السوسنة – هبة خالد الفاخوري - أبو الحسن علي بن العباس بن جريج ، ولد في بغداد بالعقيقة  2 / رجب /  221 هـ , وكان مسلم موالي للعباسيين ( لعبد الله بن عيسى ) , وشاعر من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي , ويبلغ من العمر 59 سنة .
 
شهدت حياته الكثير من المآسي التي تركت آثارها على قصائده , وكان شاعر كبير وهو من الشعراء المتميزين في عصره , ومن طبقة بشار والمتنبي ، وتنوعت أشعاره بين المدح والهجاء والفخر  والرثاء ، وله ديوان شعر مطبوع .
 
قال عنه طه حسين : ( نحن نعلم أنه كان سيء الحظ في حياته ، ولم يكن محبباً إلى الناس ، وإنما كان مبغضاً إليهم ، وكان مُحسداً أيضاً ، ولم يكن أمره مقصوراً على سوء حظه ، بل ربما كان سوء طبيعته ، فقد كان حاد المزاج ، مضطربة ، معتل الطبع ، ضعيف الأعصاب ، حاد الحس جداً ، يكاد يبلغ من ذلك الإسراف ) .
 
اخذ العلم عن محمد بن حبيب ، وبدأ نظم الشعر وهو صغير ، وتعرض في حياته للكثير من الكوارث والنكبات وتوالت عليه دون منحه أي فرصة للتفاؤل ، ولهذا جاءت أشعاره انعكاس لما مر فيه ، ومن هذه الكوارث موت عائلته واحداً تلو الآخر ، فبعد وفاة والده ، توفيت والدته ثم أخوه الأكبر وخالته ، وبعد أن تزوج توفيت زوجته وأولاده الثلاثة , واحترقت ضيعته ، وأتى الجراد على زرعه .
 
وقال في وفاة أحد أبنائه :
بكاؤكُما يشْفي وإن كان لا يُجْدي فجُودا فقد أوْدَى نَظيركُمُا عندي
بُنَيَّ الذي أهْـدَتْهُ كَفَّـأيَ للثَّرَى فَيَا عِزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرةالمُهدِي
ألا قاتَل اللَّه المنايا ورَمْيَـها من القَوْمِ حَبَّات القُلوب على عَمْدِ
تَوَخَّى حِمَامُ المـوتِ أوْسَـطَ صبْيَتي فلله كيفَ أخْتار وَاسطَةَ العِقْدِ
على حينَ شمْتُ الخيْـرَ من لَمَحَـاتِهِ وآنَسْتُ من أفْعاله آيةَ الرُّشدِ
طَوَاهُ الـرَّدَى عنِّي فأضحَى مَزَارُهُ بعيداً على قُرْب قريباً على بُعْدِ
 
وقال ابن خلكان في وصفه : ( الشاعر المشهور صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكانها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى أخره ولا يبقي فيه بقية ) .
 
وكان ابن الرومي يمدح  الخلفاء العباسيين ، ومعظمهم رفضوا مديحه وردوه  , وامتنعوا عن بذل العطايا له ، فقاله :
قد بُلينا في دهرنا بملوكٍ أدباءٍ عَلِمْتُهمْ شعراءِ
إن أجدنا في مدحِهم حسدونا فحُرِمنا منهُمْ ثوابَ الثناءِ
أو أسأنا في مَدْحهم أنَّبونا وهَجَوْا شعرَنا أشدَّ هجاءِ
قد أقاموا نفوسَهم لذوي المدْحِ مُقامَ الأندادِ والنظراءِ
 
وأبحر في دروب الشعر المختلفة ، فجاءت أشعاره مبدعة في الحركة والتشخيص والوصف ، واعتنى بالموسيقى والقافية وأجاد الكثير من الأشكال الشعرية ومنها : الهجاء  وكان هجاؤه قاسي يقدم الشخص الذي يقوم بهجاؤه في صورة كاريكاتورية ساخرة مثيرة للضحك , ووصف الطبيعة وتفوق فيه على غيره من الشعراء وتفاعل وجدانياً مع عناصرها وأجوائها وعبر عنها ومن خلالها وأغرم بها , وجاءت حكمته نتيجة منطقية لمسيرة حياته .
 
وكان من أكثر شعراء عصره قدرة على الوصف وابلغهم هجاء , تميز بصدق إحساسه ، حيث أبتعد عن المراءاة والتلفيق ، وكان حاد المزاج  , وعمل على مزج الفخر بالمدح ، وفي مدحه أكثر من الشكوى والأنين وعمل على مشاركة السامع له في مصائبه ، وتذكيره بالألم والموت .
 
وتوفي مسموم ودفن ببغداد عام 283هـ - 896 م ، حيث قال العقاد : ( أن الوزير أبا الحسين القاسم بن عبيد الله بن سلمان بن وهب ، وزير الإمام المعتضد  ، كان يخاف من هجوه وفلتات لسانه بالفحش ، فدس عليه ابن فراش ، فأطعمه حلوى مسمومة ، وهو في مجلسه ، فلما أكلها أحس بالسم ، فقال له الوزير : إلى أين تذهب ؟ فقال : إلى الموضع الذي بعثتني إليه ، فقال له : سلم على والدي ، فقال له : ما طريقي إلي النار ) .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد