الكفاءة تنتصر .. تجديد الثقة بنذير عبيدات وخالد السالم ومساءلة لا تعرف المجاملة

mainThumb

05-08-2025 02:22 PM

في مشهد يعكس النضج المؤسسي والجرأة الإصلاحية، أصدر مجلس التعليم العالي قراراته الأخيرة بخصوص تجديد رئاسة عدد من الجامعات الأردنية، حيث أوصى بتجديد الثقة لكل من الأستاذ الدكتور نذير عبيدات رئيس الجامعة الأردنية، والأستاذ الدكتور خالد السالم رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا، وعدم التجديد لكل من رئيس جامعة اليرموك ورئيس جامعة الطفيلة التقنية، في خطوة طال انتظارها، لكنها جاءت في توقيت دقيق يحمل رسائل عميقة.

هذه القرارات، التي تتجاوز البُعد الإداري إلى عمق المساءلة الوطنية، تُعد علامة فارقة في مسار التعليم العالي الأردني، وتُثبت أن زمن البقاء في المنصب لمجرد البقاء قد ولى، وأن معيار الإنجاز الحقيقي والإصلاح الفعلي هو الفيصل الوحيد.

لقد أثبت الدكتور نذير عبيدات خلال سنوات قيادته للجامعة الأردنية، أن القيادة الأكاديمية الواعية تصنع الفرق، وتعيد للجامعة بريقها ومكانتها. فهو لم يكتف بإدارة التحديات، بل واجهها برؤية استراتيجية، عززت من جودة التعليم، ودعمت بيئة البحث العلمي، وحافظت على دور الجامعة كمؤسسة وطنية تسهم في صياغة الوعي وبناء المستقبل.

وعلى ذات النهج، جاء قرار تجديد الثقة بالدكتور خالد السالم، الذي قاد جامعة العلوم والتكنولوجيا بثبات واقتدار، واستطاع أن يدفع بها نحو مصاف الجامعات المرموقة إقليميًا ودوليًا، عبر مشاريع تطويرية، وقرارات جريئة، وسياسات جعلت من التميز هدفًا لا شعارًا.

لكن في المقابل، فإن عدم التجديد لرئيسي جامعتي اليرموك والطفيلة التقنية لم يكن قرارًا عابرًا، بل محطة مساءلة واضحة لا تحتمل التأويل، ورسالة إلى كل من يتولى مسؤولية أكاديمية مفادها: "لا مكان للمجاملات، ولا استمرار دون أداء".

فالجامعات ليست مؤسسات مغلقة على أصحابها، بل هي ملك للوطن والطلبة والمجتمع، ومَن لا يرتقي بمستواها، أو يتهاون في مسؤولياته، فلا بد أن يفسح الطريق لمن هو أقدر على النهوض بها.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة بدولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، الذي كان داعمًا ومحفزًا لاتخاذ قرارات حاسمة وشجاعة، انطلاقًا من إيمانه الراسخ بأن التعليم العالي هو حجر الأساس في نهضة الدولة الأردنية. كما نوجه التحية إلى رئيس مجلس التعليم العالي معالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، وكافة أعضاء المجلس الكرام، الذين أثبتوا بمهنيتهم العالية، وموضوعيتهم الواضحة، وإخلاصهم الوطني، أن القرار الأكاديمي الأردني قد استعاد هيبته وصدقيته، حين يُبنى على بيانات ومعايير لا على أهواء أو حسابات ضيقة.

هذا التوجه الجديد لمجلس التعليم العالي، برئاسة معالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، يؤسس لمرحلة تقوم على الجرأة في اتخاذ القرار، والعدالة في التقييم، والشفافية في إعلان النتائج. وهي خطوات تُعيد الهيبة للموقع الأكاديمي، وتبث رسالة أمل في نفوس الأكاديميين بأن الكفاءة وحدها هي المعيار، لا الولاءات ولا الترضيات.

ما حدث اليوم ليس مجرد تغيير في أسماء، بل هو تصحيح لمسار، وتدشين لنهج إصلاحي حقيقي يعيد الاعتبار للجامعة كمؤسسة قيادية في فكر المجتمع وتقدمه. فإما أن تكون في مستوى التحدي، أو تترك المكان لمن يستطيع أن ينهض به.

ومن هنا، فإن تجديد الثقة بالدكتورين عبيدات والسالم لا يحمل فقط شرف الاستمرار، بل أمانة مضاعفة وثقة غالية من القيادة الهاشمية، تستدعي المزيد من العمل والتميز والالتزام.

أما جامعتا اليرموك والطفيلة التقنية، فإنهما تقفان اليوم أمام فرصة جديدة لإعادة البناء، واختيار قيادات تنهض بالتحدي، وتمضي بالمؤسسة نحو مستقبل أفضل، يستحقه الطلبة، وتنتظره الدولة.

ختامًا، نرفع التهنئة لمَن جُددت لهم الثقة، ونعوّل على أن يكون هذا القرار بداية مرحلة مفصلية، تُبنى فيها السياسات الأكاديمية على أسس ثابتة، بعيدًا عن الشخصنة، قريبًا من المصلحة الوطنية العليا.

الأردن ماضٍ في طريقه، لا يجامل، ولا يتوقف، ولا يقبل بأقل من الأفضل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد