السوسنة – هبة خالد الفاخوري - أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري , ولد في معرة النعمان في سوريا عام 973 م , لقب بـرهين المحبسين ويعني محبس العمى ، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري , هو فيلسوف وشاعر ولغوي وأديب عربي من عصر الدولة العباسية , درس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر .
بدأ يقرأ الشعر في سن مبكرة ما يقارب الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره , لأنه عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر ، ثم أكمل دراسة في حلب وأنطاكية ، وغيرها , وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه ، وكان يدل شعره ونثره على أنه عالم بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق ، وله معرفة بالتاريخ والأخبار , وفي الحادية عشر من عمره قال الشعر , أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي .
وعام 400 هـ 1009م بدأ في التأليف والتصنيف وكان ملازماً بيته ، وكان كاتبه بعنوان علي بن عبد الله بن أبي هاشم .
ودرس على يده العديد من طلاب العلم وعلا شأنهم في العلم والأدب ومنهم : أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي , أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي , أبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري , أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي .
وحصد العديد من أعماله , حيث كانت أول مجموعة شعرية له ظهرت ديوان سقط الزند وحقق شعبية كبيرة وأسست شعبيته كشاعر , ثم مجموعة شعرية وكانت الأكثر إبداع وهي لزوم مالا يلزم ( اللزوميات ) , ثم كانت أشهر أعماله هي رسالة الغفران أحد الكتب الأكثر فاعلية وتأثير في التراث العربي وأكثر ما يثير الاهتمام فيها عبقريته في الاستطراد والفلسفة العميقة والبلاغة المذهلة , وبعدها كتاب فقرات وفترات أو فصول وغايات وهو مجموعة من المواعظ وأكثر كتبه إثارة للجدل .
ومن كتبه الأخرى فهي كثيرة وفهرسها في معجم الأدباء : لأيك والغصون في الأدب ( مائة جزء ) , تاج الحرة في النساء وأخلاقهن وعظاتهن ( أربع مائة كراس ) , عبث الوليد ( شرح به ونقد ديوان البحتري ) , رسالة الغفران , ديوان سقط الزند , رسالة الملائكة , رسالة الهناء , رسالة الفصول والغايات , معجزة احمد ( يعني أحمد بن الحسين المتنبي ) , شرح اللزوميات , شرح ديوان الحماسة , ضوء السقط ( ويعرف بالدرعيات ) , رسالة الصاهل والشاحج .
ووجهت له العديد من الانتقادات من بعض العلماء المسلمين في أقوال لذم المعري , حيث نسبوه إلى الزندقة كابن كثير، وابن قيم الجوزية , وأبو الفرج بن الجوزي الذي قال فيه :
( زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيان التوحيدي ، وأبو العلاء المعري ، وأشهدهم على الإسلام أبو حيان ، لأنهما صرحا ، وهو مجمج ولم يصرح ) .
ووصفه الذهبي : ( بـالشيخ العلامة ، شيخ الآداب أبو العلاء ، صاحب التصانيف السائرة، والمتهم في نحلته . ويروي حديث عن غرس النعمة : ( حدثنا الوزير أبو نصر بن جهير ، حدثنا المنازي الشاعر قال : اجتمعت بأبي العلاء ، فقلت : ما هذا الذي يروى عنك ؟ قال : حسدوني ، وكذبوا علي . فقلت : على ماذا حسدوك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة ؟ فقال : والآخرة ؟ ! قلت : إي والله . ( ويختم الذهبي قوله بـ والله أعلم بما ختم له ) .
وتميز المعري بذكاء وسرعة فهمه ووحدة الذهن والحفظ وتوقد الخاطرة ، وعاش بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا ، ومعرضاً عن لذاتها , حتى توفي عام 1058 م في سوريا بمعرة النعمان , عن عمر يناهز 86 عام .