فيرمونات الهواتف الذكية والنوموفوبيا - داليا عبيدات

mainThumb

23-01-2019 07:03 PM

فقدته .. فما عدت أقوى على التواصل مع أصدقائي وانقطعت عن كل ما يحدث حولي. 
 
كان رفيقي في حجرة النوم، وفي مكان العمل، وفي أثناء سيري وحتى عند إستخدامي المصعد وأثناء دخولي لدورة المياه .. يا ترى كم رسالة نصية فاتتني؟ كم مكالمة فائتة؟ وكم عدد "الإيميلات" التي لم تقرأ .. لحظة كم لايك حصدت صورتي ؟ وكم عدد المتفاعلين على منشوراتي؟ هل زاد عدد الأصدقاء .. أوه لا! هل قل عدد المتابعين؟  تباً لايوجد شبكة  إنترنت هنا .
 
كلنا نعرف أشخاصاً تدور ببالهم هذه الأسئلة ويخالجهم نفس الشعور بالخوف من فقدان الهاتف المحمول أو السير بدونه وهذا يتضمن الكثير منا . 
 
تم إجراء العديد من الدراسات بهذا الصدد، وأطلق الدكتور الأميركي راسل كلايتون من جامعة ميسوري في دراسة أجراها تحت مسمى" صدمة الإنفصال عن الموبايل على الحالة النفسية والإنفعالات والحالة الإدراكية" مصطلح NOMOPHOBIA"" وهو إختصار لـ " NOMOBILE PHONE PHOBIA  " على الأشخاص الذين يعانون من هذا الرهاب. 
 
في حين أن هذه الأجهزة تساهم في تسهيل العلاقات والحفاظ عليها، فقد إزدادت الروابط المادية والعاطفية مع الهواتف المحمولة في نفس الوقت(Srivastava, 2005).
 
 و تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هذه االروابط مرتبطة بمزيد من مشاعر القلق عندما ينأى المستخدمون بأنفسهم عن أجهزتهم الذكية، وخاصة لمستخدمي الهواتف الذكية الثقيلة (Cheever, Rosen, Carrier, & Chavez, 2014).
 
ما الذي يجعل الهواتف المحمولة لا تقاوم ؟ 
الهواتف المحمولة عبارة عن شياطين صغيرة أنيقه ومصممة بشكل جيد ، وهي سهلة الحمل في حقائب اليد والجيوب ، وهي تسافر معنا في أي مكان تقريباً. 
 
 ويقدم الهاتف المحمول ، مثل بطاقة اليانصيب ، مكافأة متقطعة تجعل "هرمون الأدرينالين" ومصاحباً اياه "هرمون الدوبامين" المسؤول عن السعادة في تحفيز مستمر، وتساهم تطبيقات الإنترنت باشعاراتها في تحريك العديد من  السلوكيات التعزيزية المعقدة"related stimuli " المثيرات ذات الصلة وهي في علم النفس إشارات يرتبط بها المدمن بإدمانه. 
 
فنرى الكثير منا بانتظار صوت لإشعار معين أو لرؤية ومضة هاتف بلون ما كاشعار لوصول رسالة على إحدى التطبيقات! وهذه الملاحظات تذكرني بأول دراسة أجريت بهذا الصدد عام 2008 من قبل محققين بريطانيين حيث أثبتت الدراسة أن نسبة الإناث اللاتي يخشين فقدان الهاتف أو نسيانه أعلى من نسبة الذكور، حيث وصلت 70% للسيدات و61% للرجال، وذلك  يعود لكون السيدات يمتلكن خصوصية أكثر, فيمكن أن يحتوي هاتف السيدة على أمور شخصية ولا تريد أن يطلع عليها أحد, مثل الصور الشخصية و مقاطع الفيديو الخاصة….الخ.
 
 وأيضا أثبتت الدراسة أن الذكور يميلون إلى إمتلاك أكثر من هاتف بنسبة 47% أكثر من النساء (36%), و يرجح أن سبب رغبة الشخص لإمتلاك أكثر من هاتف, إما بسبب حب التكنولوجيا الزائد, أو بسبب رغبة الشخص بالخيانة دون أن يكشف أمره.

فيرمونات الهواتف الذكية
"الفيرمونات" مادة كيميائية تفرز من خلايا موجودة في مناطق مختلفة من جسم الكائن، وهدفها إرسال رسائل صامته للتواصل بين أفراد النوع الواحد... مثلاً في الحشرات: جذب الذكور من قبل الإناث أو إطلاق نداء للدلالة على مكان الأكل" trail pheromone " أو إطلاق نداء لجمع أفراد القطيع.
 
 ودائما ما يستخدمها البشر في مجال الزراعة ومكافحة الحشرات الضارة، وفي صناعة العطور ومنتجات تجميلية عدة، وتم إكتشاف وجود "الفيرموناتفي" الإنساني كما هو الحال في باقي انواع الحيوانات والحشرات في دراسة نشرت في عام 1986. 
 
وتم ايضاً أول تصنيع مخبري للفيرمونات عام 1959 في فرنسا ( بتنا نعرف سبب جودة العطور للفرنسية) و كان هنالك إعتقاد سائد أن الفيرمونات يمكن إستخدامها للتأثير على أصحاب القرارات تماماً ؛ لانه من المعلوم أن الفيرمونات تعمل على تحفيز مراكز معينة في الدماغ من غير وعي الإنسان ولكن هذا منطقياً غير صحيح لأن تركيبة الإنسان أعقد من أن يتأثر بعامل واحد فقط، وهذا يعني أن مصطلح الفيرمونات من الممكن أن يمتد فيخرج عن سياقه التقليدي فيشمل التكنولوجيا. 
 
هنالك العديد من المؤثرات التي توفرها الهواتف الذكية بحيث ترسل وتستقطب الإشارات البصرية والصوتية والكيميائية واللمسية، مثال ذلك في مملكة الحيوان : اليرقات المضيئة من الإناث التي  تجذب ذكورها من خلال ضوء موجود آخر جسمها بغية افتراسه.
 
 تماما مثل الوميض الصادر من الهاتف المحمول أو مثلاً اللغة المميزة المستخدمة بين قردة الفيرفيرت" Ververt " والتي بدورها تمثل أنواع مختلفة من التهديدات ، لا تختلف عن نغمات الرنين أو منبه الصباح الباكر. 
 
علاقة كل منا بهاتفه وخصوصاً عندما يهتز تشبه تذبذب رقصة النحل لتحقيق روابط إجتماعية ، لذلك في كل مرة يهتز بها هاتفك ستشعر بحاجته للترابط معك، ولا ننسى عملية إفراز ملكة النحل لمادة كيميائية معينة  تجذب عن من خلالها عمالها اليعاسيب. 
 
وكذلك هو حال الشركات المصنعة التي تطور إشارات كيميائية لهواتفها المحمولة فتنشيء رابط غير مرئي مع مستخدميهم، وهنا نستطيع فهم سبب ولاء كل مستخدم لنوع هاتف أو جهاز معين، فقط إنتظروا يوماً ما حتى تبدأ أجهزتنا في إصدار تلك الفيرمونات التي لا تقاوم. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد