القائد المغولي جَنْكِيزُ خَانَ

mainThumb

29-02-2020 12:48 PM

السوسنة - هَذَا الاِسْمُ المُتَكَرِّرُ فِي تَارِيخِ اورُوبَا وَآسِيَا اِسْتَطَاعَ بِشَكْلٍ لَا يُصَدِّقُ، فِي غُضُونِ 25 عَامًا فَقَطْ فَتَحَ جَنْكِيزُ خَانَ مَسَّاحَةً أَكْبَرَ مِمَّا فَعَلَ الرومان فِي أَرْبِعَةِ قُرُونٍ.بِالنِّسْبَةِ لِمَلَايِينِ النَّاسِ الَّذِينَ غَزَتْهُمْ جحافله، كَانَ جَنْكِيزُ خَانَ تَجْسِيدًا لِلشَّرِّ، أَمَّا فِي مَنْغُولِيَا وَعَبْرَ آسِيَا الوُسْطى اليَوْمَ، يُحْتَرَمُ اِسْمٌ خَانَ العَظِيمُ وَبَعْضُ الآسِيَوِيِّينَ مِنْ آسِيَا لوسطى مَا زَالُوا يُطْلِقُونَ عَلَى أَبْنَائِهِمْ اِسْمُ جَنْكِيزَ خَانَ، عَلَى أَمَلَ أَنْ تَنْمُوَ هَذِهِ الأَسْمَاءُ لِتَحْتَلَّ العَالَمَ، كَمَا فَعَلَ بُطْلُهِمْ فِي القَرْنِ الثَّالِثُ عَشْرٌ، كَمَا يَقُولُ كلي سيزبانيسكي التَّارِيخِيُّ وَمُعَلِّمُ التَّارِيخِ.

 
إِنَّ سِجِلَّاتِ حَيَاةِ جَنْكِيزَ العَظِيمُ المُبَكِّرَةُ مُتَفَرِّقَةً وَمُتَنَاقِضَةٌ، مِنْ المُرَجِّحِ أَنَّهُ وَلَدٌ فِي 1162، عَلَى الرَغْمِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ المَصَادِرِ تَقُولُ 1155 أَوْ 1165. كَانَ يُطْلِقُ عَلَيْهِ اِسْمَ تيموجين، كَانَ وَالِدَهُ ياكوهي رَئِيسًا لِقَبِيلَةِ بوريجين الصَّغِيرَةِ مِنْ المغول الرُّحَّلُ، الَّذِينَ عَاشُوا عَلَى الصَّيْدِ بَدَلًا مِنْ الرَّعْيِ. وتيموجين كَانَ الوَلَدَ الثَّانِي، وَتَقُولُ الأُسْطُورَةَ المَنْغُولِيَّةُ إِنَّ الطِّفْلَ وَلَدَ بِجَلْطَةٍ دَمَوِيَّةٍ فِي قَبْضَةِ يَدِهِ، عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّهُ سَيَكُونُ مُحَارِبًا عَظِيمًا. كَمَا يَقُولُ كالي سيزبانيسكي.
وَيَقُولُ تْشَارْلْز أودن (أُسْتَاذٌ مَنْغُولِيٌّ فِي جَامِعَةٍ لُنْدُنُ، وَمُؤَلِّفُ كِتَابِ التَّارِيخِ الحَدِيثِ لِمَنْغُولِيَا) :
بِوَصْفِ جَنْكِيزَ خَانَ مُؤَسِّسٌ الأُمَّةَ المغولية، وَمُنَظِّمُ الجُيُوشِ المغولية، وَالعَبْقَرِيَّةُ وَرَاءَ حَمَلَاتِهِمْ، يَجِبُ عَلَى جَنْكِيزَ خَانَ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي سُمْعَةِ شُعْبَةٍ الوَحْشِيَّةُ وَالمُرْعِبَةُ، عَلَى الرَغْمِ مِنْ أَنَّ جِنِرَالَاتِهُ كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَحْيَانِ بِمُفْرَدِهِمْ، بَعِيدًا عَنْ الإِشْرَافِ المُبَاشِرُ.
 
وَمَعَ ذَلِكَ مِنْ الخَطَأِ رُؤْيَةُ حَمَلَاتِ المغول عَلَى أَنَّهَا توغلات عَشْوَائِيَّةٌ مِنْ قَبْلِ عِصَابَاتٍ مِنْ المُتَوَحِّشِينَ. كَمَا أَنْهُ لَيْسَ صَحِيحًا، كَمَا يَفْتَرِضُ البَعْضُ أَنَّ هَذِهِ الحَمَلَاتُ قَدْ تَمَّ تَحْقِيقُهَا بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى عَنْ طَرِيقِ التَّجْفِيفِ التَّدْرِيجِيِّ لِمِنْطَقَةِ آسِيَا الدَّاخِلِيَّةِ الَّتِي أَجْبَرَتْ البَدْوَ عَلَى البَحْثِ عَنْ مَرَاعٍ جَدِيدَةٌ. وَلَمْ تَكُنْ الغَزَوَاتُ المغولية حَدَثًا فَرِيدًا، فَجَنْكِيزُ خَانَ لَمْ يَكُنْ أَوَّلُ غَازِيَّ بَدَوِيٍّ يَنْتَشِرُ مِنْ السُّهُوبِ وَيُرْهِبُ المُحِيطَ المُسْتَقِرَّ فِي أَوْرَاسِيَا. كَانَتْ حَمَلَاتُهِ أَكْبَرُ فِي الحَجْمِ، وَأَكْثَرَ نَجَاحًا، وَأَكْثَرُ تَأْثِيرًا مِنْ حَمَلَاتِ القَادَةِ الآخَرِينَ.
 
يُتَابِعُ كالي سيزبانيسكي حَدِيثُهُ عَنْ مِيرَاثِ جَنْكِيزَ خَانَ:
– بَعْدَ دَفْنِ جَنْكِيزَ خَانَ السِّرِّيَّ عَلَى سُهُوبِ مَنْغُولِيَا، اِسْتَمَرَّ أَبْنَاؤُهُ وَأَحْفَادُهُ فِي تَوْسِيعِ إِمْبِرَاطُورِيَّةِ المغول. هَزْمُ قوبلاي خَانَ اِبْنُ أوغودي سُلَالَةَ حُكَّامِ الصِّينِ فِي عَامٍ 1279، وَأَسَّسَ أُسْرَةَ يُوَانٍ المَنْغُولِيَّةُ، الَّذِينَ حَكَمُوا جَمِيعُ الصِّينِ حَتَّى عَامٍ 1368. فِي هَذِهِ الأَثْنَاءُ، دَفْعَتُ تشاغاتاي إِلَى الجَنُوبِ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ فِي آسِيَا الوُسْطى، وَقَهَرَتْ بِلَادٌ فَارِسُ.
– دَاخِلَ مَنْغُولِيَا، أَحْدَثَ جَنْكِيزُ خَانَ ثَوْرَةً فِي البِنْيَةِ الإِجْتِمَاعِيَّةُ وَأَصْلَحَ القَانُونُ التَّقْلِيدِيُّ، كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ العَبْدُ الأَكْثَرَ تَوَاضُعًا قَائِدًا لِلجَيْشِ إِذَا أَظْهَرُ مَهَارَةً أَوْ شَجَاعَةً. وَتَمَّ تَقْسِيمُ غَنَائِمِ الحَرْبِ بِالتَسَاوِي بَيْنَ جَمِيعٍ
المُحَارِبِينَ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ الوَضْعِ الإِجْتِمَاعِيُّ. عَلَى خِلَافٍ مُعْظَمَ الحُكَّامِ فِي ذَلِكَ الوَقْتَ، كَانَ جَنْكِيزُ خَانَ يَثِقُ فِي اِتِّبَاعِهِ المُخَلِّصِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ الأَمَرِّ الَّذِي سَاهَمَ فِي الخَلَافَةِ الصَّعْبَةُ مَعَ تَقَدُّمِ العُمْرِ.
– نَهْيُ الخان العَظِيمُ عَنْ خَطْفِ النِّسَاءِ، وَرُبَّمَا يَرْجِعُ ذَلِكَ جُزْئِيًّا إِلَى تَجْرِبَةِ زَوْجَتِهِ، وَلَكِنَّ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَدَّى إِلَى الحَرْبِ بِي مُخْتَلِفَ الجَمَاعَاتِ المَنْغُولِيَّةِ. وَحَظَرَ سَرَقَةُ المَاشِيَةِ لِنَفْسِ السَّبَبُ، وَأَنْشَأَ مَوْسِمَ صَيْدٍ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ لِيُحَافِظَ عَلَى الرَّعْيِ فِي أَصْعَبِ الأَوْقَاتِ.
 
– عَلَى عَكْسِ سُمْعَتِهِ الوَحْشِيَّةِ فِي الغَرْبِ، أَصْدَرَ جَنْكِيزُ خَانَ العَدِيدُ مِنْ السِّيَاسَاتِ المُسْتَنِيرَةُ، فَقَدْ ضِمْنَ حُرِّيَّةِ الدِّينِ، وَحِمَايَةُ حُقُوقِ البُوذِيِّينَ وَالمُسْلِمِينَ وَالمَسِيحِيِّينَ والهندوس عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ. عَبْدُ جَنْكِيزُ خَانَ نَفْسَهُ، لَكِنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الكَهَنَةِ وَالرُّهْبَانِ وَالرَّاهِبَاتُ والملالي وَغَيْرَهِمْ مَنْ القِدِّيسِينَ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد