هَلْ يُقَيَّمُ اَلإِنْسَانُ بِفِهْمِهِ أَمْ بِعِلْمِهِ-مَدْرَسَة اَلحَيَاة لَنْ تُغْلَق أَبْوَابُها بَعْد

mainThumb

23-07-2020 02:11 PM

نتساءل هل نتبع محاضرات المتعلمين أو توجيهات الفاهمين؟ فهذا يملك الشهادة والآخر يملك الفهم والتجربة. فإذا ما إتبعنا لغة المنطق، فإنها تترجم بأنه لابد أن نستمع لما يقوله المتعلمون الفاهمون الذين بنوا كلامهم على مدلول علمي حقيقي ومنطقي صريح. ولكن ما نعيشه هذه الأيام حقيقةً ونلمسه على أرض الواقع أنه ليس بالضرورة أن يكون كل صاحب شهادة مهما علا (من العلو) مستواها العلمي أن يكون ذا شأن فكري وفاهم ومدرك ومتيقظ لمجريات الأمور الحياتية المحيطة به. وكلامنا هذا لا نقصد فيه التقليل من العلم والعلماء وبالعلم ترقى الأمم وتزدهر ولكن عتبنا على الفئة المتعلمة التي لا تفكر قبل أن تطلق سهام كلامها الجارح على الآخرين، ولا تزن تصرفاتها بمكيال منصف حكيم، معتقدة أن ما تقوم به لا يقبل الشك أو الطعن فيه، والجميع بعدها من الصاغرين. فلا بد من أن تتوفر أسس وقواعد ثابته ومتينه يطبقها أفراد أي مجتمع في التعامل فيما بينهم وبغض النظر عن الدين والعرق والجنس والشهادات العليا التي يحملها أفراد المجتمع. وعادة ما تُسْتَمَدُ هذه القوانين والتعليمات من تعليمات وقوانين الرسالات السماوية السابقة والدين الإسلامي خاتم الأديان وأحاديث الأنبياء والمرسلين السابقين وأحاديث خاتمهم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، والذي جاء ترتيبه من قبل أشهر علماء ومفكري العالم بأنه رقم 1 فيما بينهم. قال العلامة الفرنسي ساديو لويس: لم يكن محمد نبي العرب بالرجل البشير للعرب فحسب، بل للعالم لو أنصفه الناس، لأنه لم يأت بدين خاص بالعرب، وأن تعاليمه الجديرة بالتقدير والإعجاب، تدل على أنه عظيم في دينه، عظيم في صفاته، عظيم في أخلاقه، وما أحوجنا إلى رجال للعالم أمثال محمد نبي المسلمين.

فلا خير في أي أمة وبالخصوص من يدَّعون أنهم أصحاب رسالات سماوية وبالأخص كثيراَ من أصحاب الدين الإسلامي، لم يحترم صغيرهم كبيرهم ولم يرحم كبيرهم صغيرهم، ولا خير في شهادات علمية يحملها أي إنسان لم تصقل شخصيته وتعكس علمه على تعامله مع الآخرين. والفهم في أمور الحياة ليس له علاقة متينه في الشهادات العلمية التي يحملها أي إنسان في أي مجتمع. فالحياة كما كتبنا في مقالات لنا سابقة هي مدرسة للناس أجمعين فتحت أبوابها منذ أن أهبط الله سيدنا آدم وزوجه من الجنة إلى الأرض ولن تغلق أبوابها حتى تنتهي الدنيا وما عليها. فنلاحظ كثيراً ممن نصفهم بالأميين لأنهم لا يقرأون ولا يكتبون أو ربما علمهم لم يتجاوز الإبتدائية، تعلموا من مدرسة الحياة ما لم يتعلمها حاملي الشهادات المختلفة مثل شهادات الثانوية العامة أو البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه. وبالفعل لقد قابلنا كثيراً من حملة شهادات الدكتوراه في مختلف التخصصات العلمية والأدبية ... إلخ ولكن يُعتْبَرُون أميين في فهم أمور الحياة العملية. ولهذا السبب فهمت لماذا كانت والدتي رحمها الله تقول لي بإستمرار: ولدي بـــلال برضاي عليك يًمَه بَدِي (أعط أولوية) الفهم عن العلم، نعم صدقت، لأن هناك فرق كبير من الأرض للسماء بين الفهم والعلم. لا نريد أن نطيل على القراء، ننصح كثيراً من حملة الشهادات العليا ممن لا يفقهون أي شيء أو أشياء قليلة من أمور الحياة العملية أن يجلسوا في مجالس شيوخ القبائل والعشائر المشهورين ليتعلموا منهم الحكمة والعقلانية والإتزان ... إلخ في تعاملهم مع الآخرين. وما أجمل أن نتدبر في قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه: لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد