فوائد وعِبر لمن ذكر الله وشكر

mainThumb

10-02-2021 11:42 PM

ياسر عبد الله الحوري
 
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله و سلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا، وبعد:
 أمر الله تعالى المؤمنين بذكره، ووعد عليه أفضل الجزاء، وهو الثناء في الملأ الأعلى على مَنْ ذكره؛ قال سبحانه: {فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ}. (البقرة - 152)
 قال ابن عباس رضي الله عنهما : "اذكروني بطاعتي، أذكرْكم بمغفرتي"، وقال سعيد بن جبير : "اذكروني في النعمة والرخاء، أذكرْكم في الشدة والبلاء"، بيانه {فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [144-الصافات]. وقال الحسن البصري رحمه الله  في قوله : ( فاذكروني أذكركم ) قال : اذكروني ، فيما افترضت عليكم أذكرْكم فيما أوجبت لكم على نفسي.
يكفي الذاكر لله شرفا وفخرا أن الله يذكره ويثني عليه عند خلقه في السموات العلى، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".
أيها المؤمنون الأماجد:
قد يسأل سائل ويقول: كيف نشكر الله ؟ 
 اسمع الإجابة، كما ذكر ابن كثير في تفسيره، قال عبد الله بن وهب ، عن هشام بن سعيد ، عن زيد بن أسلم : أن موسى ، عليه السلام ، قال : يا رب ، كيف أشكرك ؟ قال له ربه : تذكرني ولا تنساني ، فإذا ذكرتني فقد شكرتني ، وإذا نسيتني فقد كفرتني .
الله سبحانه يذكر من ذكره، ويزيد من شكره،ويعذب من كفر بنعمه، كما قال الحسن البصري وغيره.
هناك معنى عظيم لقوله تعالى:{ اتقوا الله حق تقاته}.
أحد السلف يبين لنا هذا المعنى، فيقول:  هو أن يُطاع فلا يُعصى ، ويُذكر فلا يُنسى ، ويُشكر فلا يُكفر .
ما هو الذكر الحقيقي الذي ينبغي أن نهتم به؟
 يُجيب على ذلك العلامة ابن عثيمين رحمه الله  في تفسيره، فيقول: إنّ الذكر الحقيقي هو ذكر الله بالقلب، وكيف يذكره بالقلب؟ 
الجواب:  يُنيب إلى الله، يتوكل عليه، يرجوه، يخافه، يستحضر حبه وعظمته وغير ذلك...
المؤمن إذا ذكر الله، ذكره الله برحمة، لكن الكافر والظالم إذا ذكر الله دون أن يُسلم ويوحد الله، ذكره الله بعذاب؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أوحى الله إلى داود عليه السلام: قل للظلمة لا يذكروني، فإنَّ حقاً عليَّ أن أذكُرَ من ذكرني، وإنَّ ذِكْري إياهم أن ألعنَهُم".
إخواني أخواتي:
ما هو الشكر الحقيقي المطلوب؟
الشكر يكون بالقلب إقرارا بالنعم واعترافا، وباللسان ذكرا وثناءً، وبالجوارح طاعةً وانقياداً لأمره.
واشكروا لله  بالطاعة ولا تكفروه بالمعصية فإن من أطاع الله فقد شكره ومن عصاه فقد كفره. 
وقدم- سبحانه- الأمر بالذكر على الأمر بالشكر، لأن في الذكر اشتغالا بذاته- تعالى-، وفي الشكر اشتغالا بنعمته، والاشتغال بذاته أولى بالتقديم من الاشتغال بنعمته. وقوله ولا تكْفرُون تأكيد لقوله واشْكُروا لِي.
وهذا تحذير لهذه الأمة حتى لا تقع فيما وقع فيه بعض الأمم السابقة التي كانت آمنة مطمئنة فكفَرتْ بِأَنْعمِ الله فَأَذاقها اللَّهُ لباسَ الْجوع وَالْخوْف بِما كانُوا يَصْنَعُونَ.
ثبت في المسند والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه: "والله إني لأحبك، فلا تنسى أن تقول دُبُرَ كلِّ صلاة، اللهم أعني على ذِكرك وشكرك وحسن عبادتك".
أخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أَعطَى أربعا فقد أُعطِيَ أربعاً، وتفسير ذلك في كتابِ الله، من أَعطَى الذكر ذكره الله، لأن الله يقول: (فاذكروني أذكركم)، ومن أَعْطَى الدُّعاء أُعطِيَ الإجابة، لأن الله يقول: (ادعوني أستجب لكم)، ومن أَعْطَى الشكر أُعطِيَ الزيادة، لأن الله يقول:(لئن شكرتم لأزيدنكم)، ومن أَعطَى الإستغفار أُعطِيَ المغفرة، لأن الله يقول: ( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً..). والله الموفق 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد