كلمة رثاء في الذكرى الأولى لرحيل الأستاذ عدنان المجالي

mainThumb

07-12-2012 02:13 PM

 سأبكيه إذا ورقاء غنّت وأندبه إذا ما الزهر فاح

 

العظماء ثلاثة : رجل وَرِثَ المجدَ فوُلِدَ عظيماً، ورجلٌ هبط عليه المجد منّة من السماء، ورجلٌ صنعَ المجدَ بيده القويّة وعقله الثاقب وجنانه الطاهر النقيّ، وفقيدنا الذي نحيي ذكراه كان أحد هؤلاء العظماء الثلاثة، صنع المجد بشجاعة قلبه واستنارة عقله وصرامة مواقفه وصدقها، وعطائه وتضحياته...
 
ها هي الذكرى الأولى تطوى وفقيدنا بين أطباق الثرى بجسده، وبيننا بفكره وخلقه وسيرته العطرة... كان موت فقيدنا طعنةً لكل زميلٍ زامله، وصدمةً لكل صديقٍ صادقه، وجرحاً بالغَ العمقِ في قلب كل من عرفه... 
 
ما رأيتُ في شخصه إلاّ صفات الرجولة  والشهامة والإباء واحترام الآخرين، والعمل الدائب لمصالح الناس .. عرفته يبذل ما في وسعه ليسعدَ الآخرين، عرفته غيوراً على دينه وأمّته ومصالح الناس...
 
ولكن وصل اليوم المحتوم، ودقّت ساعة الموت، وأشرت عقاربها صَوْبَ فقيدنا في ليلة تقشعر لها الأبدان، ويندى لها جبينُ الأخوةِ، عرفته وهو يجلس يسامرني ويحادثني بأحاديث الرجولة... عرفته يشكر من يعمل لمصلحة وطنه وأهله وأمته... عرفته وهو يكلمني بالهاتف يشاركني أعمال ومصالح الناس، كنت أحادث الفقيد وأجالسه.. وكنت أجد في نظراته بعداً،  وفي تخيّلاته طموحاً وآمالاً كبارا، كان يكره أن يسئ إلى أحد أو يطعن في أحد، وكان يحبّ المصلحة العامة ويحاول أن يجعلها دائماً الغاية المنشودة، وكان رحمه الله مثالاً في الإخلاص والتضحية والشعور في الانتماء لوطنه وأمته... حتى بلغ السيل الزُّبى، وبلغت القلوب الحناجر، وحدث ما حدث، وجاء ملك الموت وخطفه من بيننا... فإليك الّرحمة أيها الفقيد وإلينا جميعاً الصبر والسلوان .. 
 
قد أردد العبارات وأحاول أن أعبر عمّا في نفسي فلن والله أستطيع، ولن أعطي الفقيد كلّ ما في نفسي. فليجفّ قلمي ، ولتبتئس عباراتي..
 
لم أسمع والله من نعت أبا معاذ بنعت سيء  حيّاً أو ميّتاً، بل إني أستذكر يوم وفاتك وأيام عزائك الوجوه التي لبّدها الحزن واعتصر قلوبها الألم، وبقيت كلما ذكرك الذاكرون ... 
 
وأقول إن قضاء الله يجب أن يقابل بكل اطمئنان وكل صبر نزولاً عند قوله تعالى " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإن إليه راجعون"
 
قدر الله كائن لا نستطيع أن نوقفه، وما نقول إلا ما يرضي ربنا: والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإن على فراقك يا أبا معاذ لمحزونون. وأنك عشت فينا حيّاً وميّتاً.
 
* الدكتور محمد البطوش


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد