داحس والغبراء

mainThumb

24-05-2009 12:00 AM

في وقت سابق ليس بالبعيد، كنا نتعامل مع التلفاز كجهاز شبه أصم ، فلا نتواصل معه ولا يسمعنا ، وكان يوجه بثه الى الداخل وليس الى الخارج ، لأن انتشار موجاته محدود نسبيا ، وكان من يحصل على شبكة تفتح له بابا الى تلفاز بلد مجاور، يكون قد حقق حلما يراود كل من حوله على سبيل التغيير لا أكثر. كان التلفاز الرسمي هو المشاهد ، وكان من الطبيعي أن يعرض كل ما يهم من يتوجه اليهم ، على جميع الأصعدة...

أما في هذه الأيام وفي خضم هذا الانفتاح الإعلامي على العالم كله عن طريق البث الفضائي، لم يعد من الممكن أن يكون التلفاز محليا خالصا ، لأنه ليس كل ما يحدث محليا يعرض الى العالم ، لأن ذلك قد يسبب حرجا للبلد أجمع، وهذا يتطلب من فضائياتنا أن تشعر أنها تُعرض للعالم أجمع أو للعالم العربي على الأقل، وعليها أن تنتقي مواضيعها بعناية وتتصرف كوسيلة إعلامية تمثل البلد، لا أن تتوجه الى حارات وترعى خلافات وتثير نعرات..

في ماضي العرب الجاهلي (قبل الإسلام) وفي مجاهيل صحرائهم، كانوا يقتتلون ولا أحد يدري بهم يقتتلون في ميادين سباق الخيل، وتستمر حروبهم عشرات الأعوام، ويثيرهم قتل ناقة فيسفكون دماء بعضهم بلا رحمة، كانوا كذلك فجاء الإسلام ونشلهم من هذه الأوحال، وأخبار ماضيهم المتناحر أنتشرت بانتشارهم عالميا، ولكن لا ليعودوا اليه بل ليكرهوا العودة اليه ككرههم العودة الى الكفر، وأصبحوا أصحاب رسالة الى العالم يعلمونه القيم السمحة والأخلاق القويمة والحب والتفاني والإيثار، لا التناحر والتنافس والكره، وأخلاق رأس المال التي تعتاش على تناحر الآخرين.

داحس والغبراء فرسا رهان بسببهما تحاربت قبائل العرب في صحرائها أربعين سنة، ولم تجن من حروبها إلا المآسي والذكر المخجل الذي انتشر بعد أن كشفهم الإسلام!

لا نريد أن تعود مجتمعاتنا الى هذا التنافس القاتل، وينتشر الى العالم بطريقة مخجلة!.

وسائل الإعلام لها رسالة عظيمة ويجب أن تكون بمستواها، لا أن تتلاعب بعقول ومشاعر الشباب لتجني بعض المال الذي يذهب ويبقى الذِّكر على الألسن، وتنتشر مهاترات لايجوز أن تنتشر ويطلع عليها الآخرون ، ولا أعتقد أن أحدا من هؤلاء اهتم برأي خارجي أو برأي ضيف دخل الأردن ورأى بعض التناحر على الشاشات...

من يحسب أنه في حارته يناكف جيرانه، عليه أن يشعر أنه في سمع الدنيا وبصرها.

والفضائية التي تستعمل اثارة النعرات من أجل جني أموال أكثر من حيث تغذيتها بين الشباب المراهق، لابد لها من ضابط قانوني، وإذا كانت الحكومة تبحث في قانون يضبط الصحف الإلكترونية، فالأولى أن تُضبط الفضائيات التي تبث الرسالة القصيرة مصحوبة بالموسيقى الحربية والأغاني المحرضة على العنف التي بدأت تنتشر عندنا، وتشكل سلوكا للشباب..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد