رسالة إلى رئيس التحرير

mainThumb

16-05-2024 02:25 PM

على مدى عقد من الزمان، كان لي منبر على صحيفة السوسنة الغراء، أعبر فيه عما يجول في خاطري من أحداث عالمية ومحلية، إسلامية وقومية ووطنية، علمية وأدبية، شاكرا لرئيس التحرير وكل العاملين في السوسنة على منحي هذه النافذة التي أطل منها على قرائي، والذين أشكرهم على تفاعلهم مع مقالاتي على مدى الأعوام الماضية.

عش عمرا ترى عجبا! مرّ على عمرنا القصير من الأحداث ما فيها من العجب العجاب، ما تطيش له العقول لهولها، وتشيب له الأبدان قبل أوانها، وما تزال الأحداث والأهوال ترقق بعضها بعضا، حتى صار انتظار الأعظم ويكأنه أمرا محسوما، فأحببت أن أوجه في مقالي هذا رسالة لشخصك الكريم، وفيها الكثير من التساؤلات، والتي قد أجد لبعضها إجابة هنا أو هناك، ويعجزني البعض، لعلّي أجد عندك الإجابة.

وأبدأ من تلك الثورة الطلابية في بلاد الغرب ضد الظلم والإبادة التي يتعرض لها شعبنا العربي المسلم في غزة، منتفضين على إدارة جامعاتهم وحكوماتهم في دعم الاحتلال وحربه الظالمة على غزة، في حين إن غالبية شعوب الأمة الإسلامية والعربية ويكأن الأمر لا يعنيهم إلا قلة قليلة، وفي ذات الأمر قد صدّعوا رؤوسنا بديمقراطية الغرب وتقديسهم للحريات، ليتبين كذب كل تلك الأقنعة، لتذبح الحريات والديمقراطيات قربانا في معبد الصهيونية.

تنتفض دول أجنبية في افريقيا وامريكا الوسطى والجنوبية انتصارا للمظلومين في فلسطين وغزة، فتقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وتدافع عن المظلوم في جميع المحافل الدولية، في حين أن دولا إسلامية وعربية تسارع في دعم الكيان الغاصب المعتدي اقتصاديا وسياسيا واعلاميا، وأخرى كأن على رؤوسها الطير لا تحرك ساكنا، ناهيك عن تلك الدول الغربية والشرقية التي تغنّت دهرا بحقوق الإنسان والحريات، تقف اليوم مع الظالم والقاتل المعتدي.

ودولا ومنظمات وميليشيات وشخصيات قتلت... وما تزال تقتل إخوانا لنا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتعاونت مع الشيطان (الوليات المتحدة حسب ادعائها) لتدمر وتقتل وتهجر، واليوم تُنعت بالمقاومة الإسلامية، ومحور المقاومة، ويمتدح فعلهم الأقرب إلى أفلام هوليود المقاومون!

وإذا كانت نواة المقاومة في غزة تستقي من نهج دعوي اسلامي، ولا ننكر دورهم في الجهاد والمقاومة عبر العقود الماضية، فكيف نفسر ذات الجماعة في الفكر والدعوة قدومهم في العراق على الدبابة الأمريكية لاحتلال العراق وتدميره وتحيده عن دوره القومي العربي؟ وأن رأس حربة المقاومة في العراق كان البعثيون وبعض الفرق الصوفية، بينما هم شاركوا المحتل والمتآمر على العراق الحكم إلى أن تم تحيدهم والغدر بهم من شركائهم. وكيف نفسر قبولهم بالتطبيع مع العدو الصهيوني وهم على رأس الحكومة في المغرب؟

وإذا ما رأينا بأم أعيننا تلك المقاومة البطلة المستبسلة في الدفاع عن شعبها وأرضها، وكيف سطّرت الملاحم، فتجد أن أحزابا وجماعات وشخصيات إسلامية تتهمها بالعمالة أو الجهالة أو العبثية، ولعل البعض يكفرها، وآخرون ينظرون من طرف خفي، وبعضهم يمشي على استحياء.

وقوميون ويساريون صدعوا رؤوسنا بالمقاومة، وهم يتلقون الضربة تلو الأخرى وما يزالون يحتفظون بحق الرد، وتجدهم في كل واد يهيمون.

لم أعد بقادر على فهم كل تلك التناقضات! فهل أجد عندكم جوابا لكل تلك التساؤلات؟





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد