جراحة سياسية أردنية عاجلة ..

mainThumb

23-12-2009 12:00 AM

د . أحمد النوتي

شهدت الأيام الأخيرة من العام الحالي الذي يشارف على الانقضاء، وهو يحمل في طياته كل الآلام التي فاقت المسرات، شهدت حالة من الجراحة السياسية الأردنية العاجلة التي تستدعيها الظروف الداخلية والخارجية. ومن أبرز معالم هذه العملية حل مجلس النواب الذي تثاقل الأردنيون منه طوال السنتين الماضيتين ، حيث ارتفعت أصواتهم مطالبة جلالة الملك بحله؛ لأن الدستور يمنحه صلاحية إصدار أمر ملكي بالحل.

ومن المعالم الواضحة لهذه العملية استقالة أو إقالة حكومة المهندس نادر الذهبي التي أشار استطلاع الرأي العام الأردني إلى تدني مستوى شعبيتها، ثم تلا ذلك استقالة أو إقالة مجلس الأعيان، وإعادة تكليف الرفاعي الأب برئاسته من جديد، ثم بعد ذلك قدم الرفاعي صاحب الخبرة السياسية الطويلة التماسا لسيد البلاد لقبول استقالته . ويبدو أن ذلك متعلق بعرف سياسي أخلاقي، وهو عدم تزامن الأب والابن في سدة سلطتين في آن واحد ... فمثل هذا الحراك يبهج الأردنيين، ويريح نفوسهم؛ لأن البلاد تشهد حالات من التوريث السياسي للمناصب العليا بين الفينة والأخرى مما يثير شيئا من عدم الرضا والسخط لدى مختلف الفئات الشعبية .

ومن أبرز ملامحها أيضا تكليف السيد طاهر المصري بتولي منصب رئيس مجلس الأعيان، وهو الرجل الذي يلقى قبولا رسميا وشعبيا؛ لما يتمتع به من مصداقية سياسية رفيعة المستوى.

وتبع هذا الإجراء من العملية التجميلية للوجه السياسي الأردني تكليف السيد سمير الرفاعي بتشكيل الحكومة الجديدة، حيث يبدو الشاب متحمسا للعمل السياسي الجاد، ويُقرأ ذلك من خلال رد حكومته على كتاب التكليف السامي. إذ يبشر هذا الرد بالكثير من المعطيات التي تخلق بصيصا من الأمل في نفوس الأردنيين.

وبناء عليه فقد أشار الاستطلاع الأخير إلى حالة من القبول والتفاؤل الحذر، إذ إن آراءهم المُستطلعة سابقا- والخاصة بحكومات سابقة- كان فيها شيء من الاندفاع المملوء بالتفاؤل الكبير، وقد تقدمهم في ذلك مجلس النواب السابق الذي منح الثقة العالية لحكومة المهندس الذهبي، وبعد التجريب والاختبار لم يثبت لديهم مصداقية ذلك الأمل، وتلك الأمنيات التي تمنوا تحققها، فكان أكبر حدث اقتصادي ألمّ?Z بهم ، وأضر بحياتهم اليومية هو ما قنصته منهم شركات البورصة الوهمية التي فشلت الحكومة في التحوط لخطورته، ولم تتنبه لذلك الخطر إلا بعد أن وقع الفأس بالرأس.

إلا أنهم في هذه المرة الاستطلاعية أعطوا وجهات نظرهم وهم على جانب كبير من الحذر لأن أيام الحكومة الحالية القادمة قد تحمل متغيرات، وكما قالت العرب: "الدهر حبلى لا يُدرى ما تلد "، وبناء عليه ستتغير الأحكام والآراء ووجهات النظر اعتمادا على المتغيرات.

على كل حال - ومن وجهة نظري الشخصية ـ فإن الأيام القادمة من العام الجديد ستحمل معها إعادة قراءة وتأمل لنتائج هذه العملية السياسية التجميلية، وستشهد هذه الأيام أيضا تغييرات تكميلية وتجميلية للوجه السياسي الذي لا يزال بحاجة ماسة للتجميل. خاصة وأن الرئيس الجديد قد بدأ بمشروع طلب الملفات ذات الوزن الثقيل،والمتعلقة بالفساد أو بالمشاريع المعطلة، والحاملة في طياتها الكثير من المفاجآت التي نأمل من الحكومة أن تعلن عنها بشفافية وصراحة، لأن الكثير من مضامينها ظل مخفيا عن الرأي العام.

كما أن الدعوة لانتخابات غير مركزية تتبعها انتخابات نيابية هي جزء رئيس من هذه العملية التجميلية التي بدت بعض ملامحها واضحة للعيان، وذلك من خلال انضمام قطبين من أقطاب السياسة الأردنية لكوكبة مجلس الأعيان، هما: السيد عبد الرؤوف الروابدة، والمهندس عبد الهادي المجالي.

ما نأمله في العام الجديد هو الأمن والسلامة لوطننا الغالي، وكل عام والجميع بألف خير، ويا أعزائي القراء فإن للحديث بقية....

alnooti_2005@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد