أهلاً حكومة

mainThumb

15-12-2009 12:00 AM

موسى إبراهيم أبو رياش

وأخيراً خرجت حكومة دولة السيد سمير الرفاعي إلى النور بصدور الإرادة الملكية السامية، والقراءة الأولى للفريق الوزاري توحي بالتفاؤل، وإن كنا نأمل أن تخلو من بعض الأسماء المجربة التي أثارت لغطاً في السابق، وكانت غير مريحة وغير مرغوبة، فقد خلط الرئيس الرفاعي بين الطبخة القديمة (البايتة) والطبخة الجديدة في توليفة نرجو أن تكون مستساغة ومهضومة.

على كل حال لا نملك إلا أن نحترم خيارات دولة الرئيس، لعل وعسى أن يُغير البعض من طريقة عملهم وسلوكياتهم في الحكومة الجديدة بفعل شخصية الرئيس وطريقة تفكيره وكشف الحساب المطلوب من كل منهم، وكلنا رجاء وأمل أن يُوفق الله الجميع لما فيه خير هذا البلد ومواطنيه القابضين على الجمر، الصابرين على المر بهمة وعزيمة.

أما وقد وقع الفأس في الرأس، وقبل كل وزير التحدي والمهمة الصعبة الملقاة على عاتقه، وتحمل وزر الأمانة الثقيلة، فنقول لكل أعضاء الفريق الوزاري شُدّوا المئزر، وشمِّروا عن سواعدكم، وتخلوا عن بدلاتكم المخملية، وارتدوا ملابس العمل (الفوتيك أو الجينز). نريد منكم عملاً وإنجازاً، ولا نريد وعوداً أو تصريحات أو شعارات أو خططاً إستراتيجية خمسية أو عشرية، ولا نريد أن تجعلوا من البحر مقاثياً، فقد مللننا من الوعود التي لا تُنجز وأصبحنا في انتظار تحقيقها كانتظار غودو دون أن يظهر في الأفق ثمّ?Zة أمل بالتنفيذ، ولا نريد وعوداً وأحلاماً كمن وعدنا قبل شهور بأنّ?Z الأردن سيصبح مُصدِّراً للطاقة بحلول عام 2030 والمواطن يتلظى على نار ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء دون مبرر. والطريق ممهد أمام الحكومة دون أية عوائق أو عقبات في غياب مجلس النواب، ولا حجة أو عذر لوزير، فليتفرغ الكل للخدمة العامة دون كلل أو ملل، وبصدق وإخلاص، وهمة وعزيمة.

المواطن الأردني بسيط لا يطالب بالمستحيل. ولا يريد أن يعيش في رغد ورفاهية وبحبوحة. ولا يحلم أن يتشبه بأي مواطن أميركي أو أوروبي، فهذا حلم وأدناه منذ أمد بعيد، وأصبح مجرد التفكير فيه خطيئة لا تغتفر. المواطن الأردني يا أصحاب المعالي يريد فقط أن يعيش بكرامة واحترام وستر يليق بالبشر. يريد أن يمشي في شوارع نظيفة وآمنة. وأن يجد عملاً كريماً يكفيه ويعفيه من أن يمدّ?Z يده أول كل شهر. وأن يحظى بتأمين صحي حقيقي يوفر الرعاية الصحية الفعلية بعدالة ومساواة. وأن يضع أولاده في مدارس حكومية تكون مهمتها التربية والتعليم بكادر تعليمي متمرس يحظى بالكرامة والهيبة والرواتب المجزية. وأن يحصل على متطلباته من الأسواق بأسعار معتدلة دون جشع أو استغلال أو احتكار. وأن يركب حافلات مناسبة نظيفة تليق بالبشر. وأن يُدخل أبناءه النجباء فقط جامعات رسميه برسوم مناسبة دون مزاحمة من أبناء الذوات ودون كوتات حرمت أبناء الفقراء من أية فرصة لتحسين أوضاعهم والخروج من طبقة المسحوقين. وأن تُفتح له أبواب المسؤولين على مختلف مستوياتهم لسماع شكواه. وأن تُؤمّ?Zن له حرية الرأي والتعبير دون حدود إلا حدود الضمير والخلق. وأن يشعر أنه يعيش في مجتمع آمن متكافل، غير متنافر أو مختلف. وأن يسمح لجميع فئات المجتمع بتأسيس نقابات لها وعلى رأسها فئة المعلمين المهمشة المحاربة المسحوقة، فلا معنى منطقياً لحرمانهم من حق كفله لهم الدستور، فكل دول لعالم تنعم بنقابات معلمين عدا الأردن، وفي هذا شذوذ لا مبرر ولا تفسير له.

والمواطن في النهاية يريد أن يشعر أن حكومته منه وله، وأن أفرادها بشر حقيقيين أبناء تسعة مثله، يسعون للقيام بواجباتهم المرسومة لهم والتي قبلوا المنصب بناءً عليها. وأن لا يغلقوا في وجه باباً أو يترفعوا عن لقائه والاستماع إلى مشاكله. وأن يجد منهم الصدق والشفافية والعدل والمساواة دون محاباة أو تجاهل أو وعود كاذبة خلابة. المواطن يريد من أصحاب المعالي أن يكون كلامهم إنجازاً وعملاً. وأن يكون صمتهم تفكيراً وتخطيطاً. وأن يكون يومهم من أجل تنفيذ برامجهم وخططهم. وأن يقدموا الأصلح والأكفأ وأصحاب الخبرة والأفكار الخلاقة. وأن يبعدوا كل فاسد ومتطفل ومطبل. وأن يتقوا الله في وطن لا يملك إلا رحمة رب العالمين وصدق وإخلاص بعض الشرفاء النظيفين.

والأمل أن لا يطول انتظار المواطن، وأن يرى إنجازات سريعة تخفف عنه، وتملأ نفسه ببعض الطمأنينة والاستبشار، وتعيد له بعض الثقة بالحكومات. ونصيحة لا تراهنوا على صبر المواطن وصمته، فلكل صبر حدوداً، ولا بد للصمت من نهاية. وأهلاً حكومة!!

mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد