لكي ننتصر على الإرهاب!

mainThumb

02-02-2010 12:00 AM

د. هاني الشبول
صحيح إن الانتشار المتنامي للعمليات الإرهابية، التي أصبحت تجتاح اغلب دول العالم، يتطلب، من باب الدفاع عن النفس، تضافر جهود تلك الدول وتعاون حكوماتها، من خلال تبادل التجارب والخبرات العسكرية والأمنية والمعلومات الاستخباراتية، لتعزيز قدراتها وكفاءاتها لمحاربة الإرهاب ومحاصرته والقضاء علية، إلا أن المعركة ضد الإرهاب والإرهابيين ليست معركة الحكومات وحدها، إنها معركة الجميع (حكومات وشعوب) ندافع من خلالها عن الحياة والمستقبل بينما يريد الإرهابيون هدم المعبد على من فيه. إن الإرهابي يقاتل مختلف المفاهيم السياسية والفكرية والدينية، يكفر الجميع من علماء دين ومثقفين وصحفيين وكتاب وسياسيين ورجال أمن، ولا يفرق بين سلطة ومعارضة.
إن المعركة ضد الإرهاب تتطلب، بالإضافة إلى المواجهات العسكرية والمطاردات الأمنية، قتالا حقيقيا متعدد الأوجه ومشترك يضم الحكومات ومؤسساتها المختلفة (مدنيه وعسكرية)، والشعوب وأحزابها السياسية ونقاباتها المهنية ومؤسساتها الإعلامية ومثقفيها، حيث أن الإرهاب الغادر يشرع للقتل ضد الآمنين سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، شباب أو شيوخ رجال أو نساء. والمفارقة إن الإرهابي يؤمن بان قتل الأطفال والنساء والرجال ورجال الأمن (المرابطين ليلا ونهاراً للحفاظ على أمن المواطنين) والعسكريين (حماة الأوطان) وتفجير الأسواق الشعبية والفنادق بأطنان من المتفجرات تقرب إلى الله وجهاد في سبيله.
لقد ثبت علميا وعمليا أن الجماعات الإرهابية لا تستند إلى أرضية فكرية، وليست لها برامج، ولا تستمد أحكامها من الدين( أي دين)، إنها جماعات للقتل من أجل القتل.
إذاً، لا يوجد أمام البشرية خياراً سوى مقاتلة هذا التيار المخيف ومهاجمة أوكاره في جبهة واحدة أينما كان، حتى لا يستمر في مواصلة عبثه بالأرواح البريئة وهو يتوهم أنه يحمل راية التغيير والإصلاح.
لذا، ومن اجل أن ننتصر على الإرهاب، يجب أن لا تقتصر مواجهة الإرهاب على الجانب الأمني فحسب، بل يجب محاربته فكريا وثقافيا من خلال (على سبيل المثال وليس الحصر) تخليص مناهج التعليم (المدرسي والجامعي) من معاني التكفير والانغلاق والانحياز لنمط واحد من الأحكام والتشريعات، وإصلاحها وفق رؤية عصرية تُكون قواعد المستقبل الذي نريد، بالإضافة إلى إعادة النظر في تجاربنا السياسية والاجتماعية والثقافية وأنماط التنمية التي اخترناها، والتي جميعها ساعدت على إفراز التطرف والإرهاب.
على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومات في محاربة الإرهاب، إلا أن المعركة تحتاج إلى مشاركة مؤسسات المجتمع المدني بهياكلها المختلفة ورموزها المتعددة سواء اتفقت مع الحكومات أو اختلفت، فالصمت يعتبر انحيازاً للإرهاب وتحفيزاً له لكي يستمر في ضرب مستقبل الدول والشعوب وقتل الأبرياء.
hanni0789@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد