أوتاد الكويت في خضم الفوضى

mainThumb

12-04-2008 12:00 AM

نغمة جديدة بدأت تسود الساحة الكويتية بعد تلك التوترات السياسية التي صاحبت المجلس النيابي الأخير, ألا وهي نغمة الانتقام من الشعب والنواب الذين آذوا الحكومة بالاستجوابات, وقضوا على المستقبل السياسي لكثير من الوزراء, وأماطوا اللثام عن هشاشة الوزارة الكويتية طيلة ثلاث سنوات. ولا أدري من هو ذلك المستشار الذي أشار على سمو رئيس الوزراء بالانتقام من الشعب بتدمير الديوانيات, وسبب له الكثير من الإزعاج, كما أدخله في نفق مظلم سيهدد استقرار الوزارة بعد الانتخابات العامة , حيث أن معظم النواب الذين سيعودون إلى المجلس النيابي سينتقمون بدورهم من هذا التصرف غير المتوازن سياسيا واجتماعيا بإدخال الوزراء الجدد في متاهة الاستجوابات من جديد, هذا إن لم يستجوبوا رئيس الوزراء نفسه, خاصة وأنه لا يمكن حل المجلس للأسباب نفسها مرتين. ولن ينتهي الأمر عند هذا كله بل سيجبرون الوزارة المقبلة على استمرار إزالة التعديات في كل ما هو غير قانوني مثل قسائم الشويخ الصناعية وبيوع الشاليهات والجواخير غير القانونية, ناهيك بآلاف الأمتار من الأراضي الكويتية التي حصل عليها البعض ولم تستخدم للأغراض المخصصة لها.
وللعلم أن هذا الصداع السياسي لن يتوقف عند هذا الحد, بل سينتقم نواب القبائل من الوزارة الجديدة بعد المداهمات العسكرية للانتخابات الفرعية, لأن الأسلوب المعتمد في هذه المداهمات سيثير أبناء القبائل بما لهم من قوة اجتماعية ما سيدفعهم إلى الضغط على نوابهم " لإيذاء" الحكومة الجديدة, ولا أستبعد في ظل خضم هذه الفوضى الاجتماعية أن يحل المجلس المقبل بعد فترة قصيرة, ومع مرسوم الضرورة غير الدستوري الخاص بالتجمعات والذي ظهر في فترة الحل, وستواجه الحكومة المزيد من المشكلات. والسؤال: لماذا يبحث سمو رئيس الوزراء عن كل هذا الصداع? ورجاء لندع جانبا مسألة تطبيق القوانين التي نبتت كنبت الشيطان في فترة وجيزة وبلا سبب منطقي, فالكويت طول عمرها بلد القوانين المكسورة, وستظل كذلك إلى قيام الساعة, بسبب قوة التدخل الاجتماعي, كما هو مبين من سماح الحكومة للنواب بالواسطات المتنوعة, ومخالفة اللوائح في مسألة العلاج في الخارج, وسكوت الحكومة عن التعديات على أملاك الدولة منذ أكثر من ربع قرن, وكذلك عدم الاهتمام بالمخالفات المالية الجسيمة الواردة في التقارير السنوية لديوان المحاسبة, وغير ذلك من الإهمال الحكومي للقوانين طوال هذه السنوات.

من الواضح أن الحكومة في تعمدها لإحداث هذا الكم الهائل من الإيذاء الاجتماعي إنما تسعى لإثبات هيبتها, وبالتالي عليها أن تتحمل التوترات السياسية المقبلة في المجلس الجديد. وحيث أن التجربة قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن سمو رئيس الوزراء لم يوفق خلال السنوات الماضية في اختيار الوزراء, بما سببه ذلك من تنام للتوتر بينه وبين كثير من النواب , فأنه في حال عودة سموه لرئاسة الوزارة, وكل المؤشرات تدل على ذلك, لأن ما يحدث لا يمكن أن يصدر عن رئيس وزراء مستقيل, ما يعني أنه حال عودة سموه لرئاسة الوزارة الجديدة, ستتكرر المشكلات نفسها, وسيدفع النواب لإحياء الخمسين دينارا, والمزيد من الاستجوابات الشخصانية, ولن يسمح هؤلاء النواب للوزراء حتى بالتنفس سياسيا, الأمر الذي يعني المزيد من التشوهات للديمقراطية الكويتية, وبما سيدفع الدول الخليجية إلى ازدراء التجربة الكويتية.

أتدرون كيف يعرف العرب معنى " السياسة"؟ أنه التدبير في إدارة الدولة والمجتمع. وللأسف أن سمو رئيس الوزراء قد خانه التدبير حين قرر استحداث كل هذه الفوضى السياسية والاجتماعية.
"السياسة" الكويتية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد