ثمن البقلاوة السّورية

mainThumb

03-05-2008 12:00 AM

للمرة الأولى تبدو سورية متحمسة للسلام، إلى درجة الاحتفاء بتذوّق رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت طعم البقلاوة السورية التي جلبها له الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كرمز لثمار السلام المنتظر.

الحماسة السورية أصابت العالم بالدهشة، فدمشق ظلت سنوات «تمانع»، منتشية بمقولة «لا حرب من دون مصر، ولا سلام من دون سورية». وبنت شرعية نظامها السياسي على «المقاومة». ومن هنا يصعب التفاؤل بدخولها حلبة السلام من دون تنازلات تعاود صوغ السياسة السورية برمتها، وهو أمر يصعب تصديقه، ناهيك عن أن الوسيط التركي غير مستعد لتسويق سورية التي نعرف.
لنترك التشاؤم قليلاً، ونغض الطرف عن سياسة إسرائيل التوسعية التي تحول دون تحقيق السلام، ونتجاهل قصص الغرام والانتقام التي حكمت علاقة الأتراك بالإيرانيين والسوريين على مدى عقود، و نسأل: هل تستطيع سورية أن تتخلى عن علاقتها الاستراتيجية مع إيران؟ وهل من مصلحتها الآن تحجيم «حماس» و «الجهاد» وقطع مصادر التمويل عنهما؟ وأخيرا هل قررت سورية التخلي عن دورها التقليدي القائم على اللعب بأوراق الآخرين، وترك التدخل بشؤون اللبنانيين والفلسطينيين من اجل الجولان الذي ظل منسياً لأكثر من ثلاثة عقود؟

الأكيد أن «الحفلة التركية» لا علاقة لها بالجولان. فإسرائيل ترى أن الرسالة التي سربتها دمشق تبسيط للمسألة، والموضوع أكثر تعقيداً. فما سر هذه الحماسة السورية إذن؟ السر هو أن في دير الزور تهمة أكثر تماسكاً من تلك التي أطاحت نظام صدام. وفي لبنان نفوذ لـ «حزب الله» تريد واشنطن لجمه حتى تفرغ من مشروع طهران النّووي، وحديث عن قرب نصب خيمة المحكمة الدولية.

فالسلام هنا غطاء تعرف سورية انه مزيّف، و تدرك أنه لن يعيد الجولان، لكنه ربما يحميها من تبعات التوتر بين واشنطن وطهران. فإن صح ذلك، فهذا يعني أن دمشق استوفت في نظر واشنطن دية دم الحريري، لجمت «حزب الله»، وتخلّت عن شعار «الممانعة» وتستحق كرت استئناف في المحكمة، لكنها ستسعى للحصول على كرت للانصراف منها. وهذا مرهون بتطورات العلاقة بين طهران وواشنطن.

*نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد