السعوديون والإعلام

mainThumb

05-05-2008 12:00 AM

شيء جميل ومفرح أن يكون هناك طلب على الشباب السعوديين (ذكوراً وإناثاً) من قبل وسائل الإعلام العربية للعمل لديها، خصوصاً المرئية منها.
هذا يعني في الحالات العادية أن الشابة أو الشاب السعودي، أصبح على قدر من الكفاءة والمهنية الإعلامية للعمل في كبريات المحطات الفضائية، وبما أن المسألة عرض وطلب، فإن مبادئ علم الاقتصاد تؤكد أن الطلب على الشيء في الحالات العادية يعني جودته.

السعوديون الذين عملوا في الإعلام العربي سواء في العربية أو الجزيرة أو LBC وغيرها من الفضائيات، أثبتوا كفاءة عالية في منافسة أقرانهم في الفضائيات المنافسة. علي الظفيري أثبت أنه ليس أقل قدرة من زملائه وجلهم أسماء تركت بصمتها في الإعلام العربي. تركي الدخيل أثبت هو الآخر أن فن إدارة الحوار ليس حكراً على فيصل القاسم وسامي حداد وأن الشاب السعودي قادر على مقارعة الفكر بفكر.

احترم قناة العربية في التدرج بخلق نجومها الخاصين كما فعلت مع الزميل يوسف الهوتي، ومع ذلك أرى أن صالح الثبيتي يشع بالقدرة والذكاء، وهو بالتالي لا يقل قدرة عن زميله طالب كنعان وزميلتيه ريما صالحة وميسون عزام. وقبل أن ينجح الظفيري والدخيل والثبيتي، ويثبتوا مهنيتهم في المحطات التي يعملون فيها، نجح سعوديون كثر في إدارة وسائل إعلام ذات مواصفات عالمية.

قلت إن الطلب المتزايد على توظيف الشباب السعوديين ذكوراً وإناثاً في الفضائيات العربية، يعتبر في الحالات العادية مؤشراً إيجابياً على مهنية وكفاءة السعوديين خصوصاً في المجال الإعلامي الذي أصبح في أيامنا هذه أهم من رغيف الخبز. المقصود من الحالات العادية هنا، أن يكون تزايد الطلب على السعوديين للعمل في الفضائيات العربية من أجل الكفاءة والمهنية التي يتمتع بها الشباب السعوديون مع أخذ المكانة التي تتمتع بها بلدهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً في الاعتبار.
حتى اللحظة جميع المحطات الفضائية تتسابق على استقطاب السعوديين للعمل لديها على أساس كفاءتهم ومهنيتهم وأهمية بلدهم، وهذا أمر جميل، لكن من الذي يضمن ألا تأتي محطات تعمل على استقطاب السعوديين للعمل لديها بهدف تسليط الضوء على قضايانا المحلية واستخدامها وسيلة للكسب الإعلاني، خصوصاً أن شركاتنا الوطنية هي الأكثر إنفاقاً في سوق الإعلان العربية.

إذا ما حدث ذلك - لا سمح الله - ستكون المنافسة بين المحطات محصورة بقدرة كل محطة وجرأتها على انتهاك خصوصيتنا. هناك فضائيات - للأسف - تعمل ذلك الآن، وهناك سعوديون في ظل المتغيرات الاقتصادية، سيرضون بأن يكونوا أدوات هدم لبلدهم، والمؤسف أن هناك من السعوديين من ق?Zبِل بمثل ذلك من حيث لا يعلم. هناك سعوديون دفعهم حب الشهرة والأضواء لأن يسهموا في نشر غسيلنا على الفضائيات.

المجتمع السعودي مجتمع بكر، وكان حتى وقت قريب عصياً على الاختراق بسبب تركيبته المحافظة، وهو ما جعل منه بالنسبة لكثير من الأشقاء لغزاً محيراً، وبعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) أصبح اللغز أكثر إثارة بالنسبة لوسائل الإعلام، وأصبحت شهرة أي صحافي أجنبي مقرونة بمدى قدرته على استنطاق السعوديين بكل شرائحهم للبوح بسر تركيبتهم العجيبة، حتى ان من يريد أن يقوم بعمل إحصاء للصحافيين الأجانب الذين زاروا المملكة بعد أحداث 11 سبتمبر سيجد أن الرقم ارتفع إلى معدلات خيالية. بالنسبة للصحافة العربية، وهي دائماً تبحث عن الأسهل ارتأت أن سبر أغوار المجتمع السعودي لا يمكن أن يتم عن طريق تحقيق صحافي أو تقرير إخباري، لهذا عملت على استقطاب الشبان السعوديين للعمل لديها، وذلك عملاً بالمثل البدوي القائل: "من صوفه أكتفه".

هذه ليست رسالة تحذيرية لما ستؤول إليه العلاقة بين السعودية والإعلام في المستقبل القريب، لكنني أستطيع أن أقول إنها تشخيص لما سيجري في السنوات المقبلة، وعلى الطبيب المختص بعلاج حالاتنا أن يضع برنامجاً علاجياً (استباقياً) لما ستؤول إليه العلاقة بيننا وبين الإعلام.

*نقلاً عن صحيفة "الحياة" اللندنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد