السلام استراتيجية حيوية لاسرائيل وسوريا

mainThumb

21-06-2008 12:00 AM

إن استئناف المحادثات السلمية بين اسرائيل وسورية ، بعد ثماني سنين من شحذ السيوف الذي أعقب انهيار آخر محاولة لاحراز تسوية ، ليس مجرد تمثيلية ترمي الى صرف الانتباه عن مشكلات رئيس حكومة اسرائيل المتعثر ، وليس أيضا مبادرة سورية فقط لمنع انعقاد المحكمة الدولية للبحث في مقتل الحريري ، فالسلام الاسرائيلي - السوري استراتيجية حيوية للطرفين.

كانت التجربتان المؤسستان لنظام حكم البعث ، الذي يعتمد في الاساس على الاقلية العلوية ، فقدان السيطرة على هضبة الجولان في الهزيمة اللاذعة امام اسرائيل عام 1967 ، وفقدان لبنان نتيجة ضغط دولي تقوده أميركا ، ولهذا فان اعادة هضبة الجولان والدفاع عن مصالح سورية الحيوية في لبنان أدوات حيوية لتثبيت شرعية نظام الرئيس الأسد وتعزيز زعامته.

فيما يتصل بسورية ، كما في حالة رئيس مصر السادات قبل ثلاثين سنة ، تعتبر مصالحة اسرائيل اداة حيوية لتحسين العلاقات بالولايات المتحدة واعطاء مكانة خاصة وشرعية لسوريا في لبنان ، فليس من العجب أن طلب السوريون مشاركة الأميركيون كشهود ، ان لم يكن شركاء تامين ، في المحادثات مع اسرائيل.

ترى اسرائيل ايضا السلام مع سورية ضرورة استراتيجية ، فالتهديد المتصاعد ضدها معقد جدا ، واي مواجهة ممكنة مع حماس في غزة قد تفضي الى اشتعال الوضع مع حزب الله ، وإلى حرب يمكن الانتصار فيها فقط بتدمير سلاح الجو الاسرائيلي التام للبنان ، وقرار سوري باستغلال الفرصة لاجراء عسكري في هضبة الجولان ، قد يتطور ليصبح حرب صواريخ توجه الى الجبهة الإسرائيلية الداخلية المعرضة للاصابة ، وتستطيع ايران في محاولة للدفاع عن برنامجها النووي في مواجهة هجمة اسرائيلية - أميركية ان تشارك بصورة فاعلة في سيناريو الرعب هذا.

ينبغي ان نعترف بان الظروف الاستراتيجية اليوم أشد تعقيدا مما كانت قبل ثماني سنين. كان واضحا في جولة المحادثات السابقة ان اتفاق سلام مع سورية سيمهد الطريق تلقائيا لتسوية مع لبنان وإنهاء تهديد حزب الله لحدود اسرائيل الشمالية ، ولم يعد هذا هو الوضع اليوم بسبب ضعف سيطرة سورية في لبنان.

والحقيقة ان حزب الله نما وقوي برعاية سورية ، لكنه لم يبلغ القوة السياسية المدهشة التي يتمتع بها اليوم ، وذلك يعني أن حزب الله ، ولبنان كله ، يتمتعان اليوم بحرية سياسية اكبر ، ويستطيعان تقديم مطامح ومصالح مستقلة لا تتصل بمثيلاتها عند سورية.

لكن السلام مع سورية يمكنه أن يكون عنصرا رئيسا في تسوية اسرائيلية - عربية أوسع ، وعلى انشاء شرق اوسط اكثر استقرارا آخر الامر ، وليس من الواقعي ان نتوقع من سورية افساد علاقاتها الخاصة بايران ، فهذه محادثات سلام لا صيغة تسوية دفاعية ، ولن تقطع سورية مرة واحدة علاقاتها باصدقائها الايرانيين.

من جهة اخرى قد لا تكون العلاقات الجيدة بين دولة تعيش بسلام مع اسرائيل وبين ايران شيئا سيئا بالضرورة ، فهي تستطيع ان تقيد ، اكثر من ان توسع ، استراتيجيات ايران لتقويض الاستقرار في المنطقة.

وكما كان الحال دائما ، يتعلق الامر إلى حد كبير باستعداد أميركا لاستبعاد الحلول العسكرية والعقيدة الصارمة لصالح توجه عملي لايجاد حل للنزاع ، كما يتعلق بقناعتها أن اتفاق سلام بين اسرائيل وسورية بدعم الولايات المتحدة يستطيع ان يحول المحيط الاستراتيجي الى محيط يكون مركز جذب لجهات اخرى في الشرق الاوسط.

// "يديعوت احرونوت" //



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد