شركات النفط في العراق .. عودة الزمن الجميل

mainThumb

03-07-2008 12:00 AM

بمرور الوقت ، يصبح بقاؤك مخدوعا أصعب فأصعب ، ففي كل يوم تأتي حقائق جديدة تجبرنا على سحب رؤوسنا من الرمال. قبل أسبوعين ، ذكرت التايمز أن أربع شركات نفط غربية عملاقة على وشك توقيع عقود دون الدخول في عطاءات يمكن أن تعيدها إلى العراق ، ثالث اكبر حقول إنتاج البترول وفرة في العالم. الصفقات ، التي يتوقع أن تنجز نهائيا خلال ثلاثين يوما ، هي من ذلك النوع من الأخبار الذي تعيش شركات النفط الكبرى من أجلها.

صوت المديرين التنفيذيين ، المصابين بدوار النشوة وهم يغنون "يا للأيام السعيدة" ، يمكن سماعه في شركة إكسون موبيل وشل وتوتال وبريتش بتروليوم ، التي ظلت أبواب العراق مغلقة في وجهها على مدى ثلاثة عقود ونصف.

وكما علمنا هذا الأسبوع ، فإن مجموعة من المستشارين الأميركيين ، يقودهم فريق من وزارة الخارجية ، لعبوا دورا بارزا في إتمام العقود بين شركات النفط والحكومة العراقية. شيفرون وعدة شركات بترول أصغر هي أيضا على وشك توقيع عقود.

الرئيس بوش ونائب الرئيس ديك تشيني ، وكلاهما مدير تنفيذي سابق في شركة نفط ، حاولا طويلا أن يقولا لنا أن تلك الحرب تتعلق بالإرهاب وبأسلحة الدمار الشامل ، وبجلب الحرية والديمقراطية للشعب العراقي ، حرب تتعلق بأي شيء عدا النفط.

يقول بوش: "لا نستطيع الانتظار حتى الحصول على دليل قطعي ، قد يصل إلينا على شكل سحابة نووية".

لم ينتظر ، لم يكن مهما لديه أن صدام حسين لم يكن يشكل أي خطر وشيك على الولايات المتحدة. أو أن العراق لم يكن له أي علاقة بهجمات 11 أيلول ,2001 أرسلت القوات إلى المعركة مطلع العام 2003 وما زالت هناك ، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات ومقتل ما يزيد على أربعة آلاف أميركي ، لا تلوح في الأفق نهاية لهذه الحرب.

أحد الأمثلة الصارخة على أولويات الولايات جاءت بعد انفجار موجة النهب التي تلت سقوط بغداد. مع انتشار العنف والفوضي في كل مكان ، تلقت القوات الأميركية أوامر بحماية هدف عزيز ، وكان بالتحديد - وزارة النفط العراقية. وقد كتب ديفيد ريف في مجلة التايم في تشرين الثاني 2003 يقول: "القرار بحماية وزارة النفط فقط - وليس المتحف الوطني أو المكتبة الوطنية ، وليس وزارة الصحة - كان له على الأرجح دور أكبر من أي شيء آخر في إقناع العراقيين ، القلقين والمرتبكين بسبب الاحتلال ، بأن الولايات المتحدة أتت إلى العراق من أجل النفط فقط".

العقود بحد ذاتها ليست ضخمة ، لكنها أشبه بمفاتيح في حلقة سحرية ستبدأ بفتح الأبواب واحدا تلو الآخر للحصول على الاحتياطي الهائل من نفط العراق. وكما ذكرت صحيفة التايمز يوم الاثنين الماضي "في الوقت الذي تتصاعد فيه أسعار النفط ، في بلد يمتلك أكبر حقول النفط غير المفتوحة وفي ظل احتمال تحقيق أرباح هائلة ، فإن العقود بدون عطاءات تعتبر غنيمة نادرة".

غنيمة ، أجل ، لكن بأي ثمن؟ بالإضافة إلى الحصيلة المرعبة من الأميركيين والعراقيين الذين قتلوا ، فإن الحرب في العراق حولت الانتباه والموارد عن المشاكل الصعبة هنا في الولايات المتحدة ، حيث سوق العقارات مصاب بالشلل ، وسوق الأسهم مجمد ، وسعر البنزين تجاوز الأربعة دولار للجالون ، وعدد العاطلين عن العمل يتصاعد ، وعدد غير عادي من العائلات المثقلة بالديون تنتظر كارثة مالية.

في الوقت الذي تتمتع فيه شركات النفط بأرباح مذهلة ، فإن العديد من الأميركيين قلقون بشدة ، في عز الصيف ، من التكلفة المدمرة لتدفئة بيوتهم في الشتاء المقبل.

وبعد كل ذلك هناك ما يدعى الحرب على الإرهاب.

آخر الأخبار تقول أن القاعدة ، المنظمة الإرهابية التي يرجح أنها قامت باعتداءات ايلول ، أعادت تجميع نفسها في مناطق القبائل في باكستان ، وتجديد قدراتها للبدء بشن هجمات إرهابية من المنطقة.

بالنسبة لإدارة أصبحت عضوا في تنمية صناعة النفط ، فإن إغراء الاحتياطي النفطي الضخم في العراق أقوى من الحافز لقهر عدو قتل ما يزيد على 2700 أميركي في 11 ايلول ، وهي حصيلة تفوق الأميركيين الذين قتلهم اليابانيون في بيرل هاربور.

عن القاعدة التي اعادت بناء نفسها في باكستان كتبت التايمز يوم الإثنين الماضي تقول: "المسؤولون العسكريون ومسؤولو المخابرات الحاليون والسابقون يقولون أن الحرب في العراق حولت الموارد والانتباه عن مناطق القبائل. وعندما يطلب المسؤولون العسكريون ومسؤولو المخابرات المزيد من الطائرات بدون طيار لمسح المنطقة ، يقال لهم انها غير متوفرة لأنها أرسلت إلى العراق".

من يعلم كم سيمضي من الوقت قبل أن تقوم الولايات المتحدة بفك اشتباك من أي نوع للخروج من العراق. ما يمكن لك أن تأخذه معك إلى البنك هو أن هذه الدولة لن تحقق أي تقدم في رئيسي في سياسة الطاقة ، ولا في التغطية الصحية وفي إعادة بناء بنيتها التحتية ، ولا في تحسين مدارسها العامة ، ولا في تقليص عدد السكان الهاربين من البلد أو تقليص الديون حتى ينتهي التزامنا بهذه الحرب الكارثية التي تكلف مليارات الدولارات والتي تبدو بلا نهاية.

ترى كم سيطول الوقت قبل أن ندرك مدى تأثير تلك الحرب علينا؟

«نيويورك تايمز»



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد