ابن الخبازه

mainThumb

18-11-2008 12:00 AM

لا أظن أردنيا لا يعرف ابن الخبازة فقد أصبح جزءا من تركيبتنا الثقافية والاجتماعية ومن مكونات تفكيرنا , ومن المنظومة القيمية لمجتمعنا فهو لا يجوع لان في متناول يده جميع أنواع الأطعمة , ولا يعرى لان كل الأيدي تمتد لكسوته , وهو إن مرض بالأنفلونزا مثلا لا قدر الله لن يضطر إلى الذهاب إلى المستشفيات الحكومية بل يأتي الأطباء إلى فرن أمه لعلاجه ويبقى تحت العناية الحثيثة للاحتياط ولا تصرف له إلا الأدوية المستوردة .

ولا يحتاج لان يذهب إلى الدوائر الحكومية ويقف مع طوابير العامة اللاهثين وراء لقمة العيش من اجل إن يتقدم بطلب للحصول على وظيفة بل تتصل به إحدى الخبازات صاحبات الماما لكي يخيرنه بالوظيفة التي يريد , ويتفاوضن معه ويرجونه أن يقبل بالراتب والمكافآت التي ستقدم له ويؤكدن له انه إذا قبل بالمقصقص فسيأتي الطيار قريبا .

طبعا ابن الخبازه ليس بالضرورة أن يحمل شهادات عليا في تخصصه , وليس بالضرورة أن يخضع لاختبارات أو مقابلات مسبقة , وليس بالضرورة أن يجيد إحدى اللغات , أو يتقن مهارات الحاسوب , أو أن يكون حاصلا على الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب أو دورة الإنتل ومن اللافت للنظر أن ابن الخبازة يحطم جميع الأرقام القياسية في الارتقاء الوظيفي , والتقدم في سلمها العتيد فربما بعد أسبوع من دوامه يصبح مساعدا أو نائبا للمدير وربما بعد ذلك يحول المدير إلى التقاعد أو الاستيداع يصبح ابن الخبازة مديرا مكانه .

وبعد أن يصبح مديرا يبدأ بالتنقل من دائرة إلى دائرة أخرى ومن موقع إلى آخر حتى تستفيد من خبراته الكثير من المؤسسات والدوائر , طبعا ابن الخبازة لن يقضي عمره ولن يفني زهرة شبابه في العمل والدوام الروتيني من الساعة الحادية عشرة وحتى الساعة الحادية عشرة والنصف , فيبدأ بالبحث عن الأعمال الحرة المدرة للدخل , وسرعان ما يترك العمل العام , وقد دبر نفسه بمبلغ محترم من المال جمعها من عرق جبينه ومن خبز أمه , ولا احد يسأله من أين له كل هذا المال فيفتح شركة مضمونة النجاح , يمكنها أن تتاجر بكل شيء وهكذا تسير حياته بكل سهولة ويسر , ويتسابق إليه المهنئون من كل حدب وصوب من كل فج عميق , وتكتب له التهاني في الصحف والمواقع الالكترونية المختلفة , وتؤلف عنه الكتب والمجلدات والأغاني , وتقابله الفضائيات لكتابة سيرة حياته المليئة بالانجازات .

طبعا ابن الخبازه ابن تسعة أشهر مثلنا بالضبط . shraideh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد