أزمة البورصات: دور الحكومة

mainThumb

22-09-2008 12:00 AM

حالة من الهلع تسود أوساط المتضررين من تداعيات أزمة البورصات المالية. والحديث هنا عن شريحة مهمة وضعيفة اقتصاديا ممن طمعوا بربح سريع وكبير. الحكومة محقة بالتأكيد في التدخل وبحزم للتعامل مع هذا التسيب في سوق البورصات، وقد بذلت جهودا توعوية مقبولة، لكن الولاية العامة للدولة تحتم عليها عمل المزيد.
الحكومة الحالية، بتقديرنا، ورثت المشكلة من حكومات سابقة، لم تدرك حجم المشكلة، او انها فعلت، ولكنها آثرت ترحيلها لحكومات مستقبلية، ما يوجب انشاء جهة رقابية اقتصادية معنية بمراقبة كافة الانشطة الاقتصادية واستقراء المشاكل والتجاوزات قبل حدوثها ثم وضع آلية تعامل معها.
إلى الآن يعاني الاقتصاد الاردني من غياب جهة تضطلع بهذا الدور، ومخطئ من يعتقد أن دائرة مراقبة الشركات هي الجهة التي يتوجب عليها عمل ذلك، فهذا الدور الرقابي والتوجيهي الكبير لا بد ان يكون تشاركيا بين عدد من المؤسسات بما في ذلك الاجهزة الامنية. كما ان اجهزة الدولة المعنية بالشأن الاقتصادي تحتاج لرفع سويتها الادارية وتطوير مهاراتها الاقتصادية.
يتساءل كثيرون: لماذا انتظرت الحكومات كل هذا الوقت قبل ان تتصرف؟ فحجم الضرر كان سيكون اقل بكثير لو ان الحكومات تصرفت بحزم منذ البداية، ولم تنتظر كل هذا الوقت حتى تأذى الكثير من المواطنين يصل عددهم لعشرات الآلاف. علما ان الحكومات وقفت بصلابة بوجه ظواهر اخرى، مثل تلك العروض التي تأتي من افريقيا عبر البريد الالكتروني واعتبرتها محرّمة أمنيا.
من أدوار الدولة الاساسية في المجتمعات، حتى تلك التي وصل حجم دور الدولة فيها لحدوده دنيا، ان تقول للمواطن ما هو الصواب وما هو الخطأ خاصة في النواحي، التي لا يستطيع هو وحده اصدار الحكم فيها، فهي التي تلزم مصنع السجائر ان يكتب على منتجه انه يسبب السرطان، وهي التي تلزم مصنعي المواد الغذائية ان يكتبوا مكونات منتجاتهم، وهي التي تجبر المواطن على اخذ المطاعيم حفاظا على السوية العامة الصحية للمجتمع.
كان واجبا على الدولة الاردنية ان تقول للمجتمع، منذ البداية، ما هو خطأ وما هو صواب بعمل البورصات وان توقفها وتعتقل من ضللوا الناس بغير حق، لا ان تنتظر وهي ترى المواطنين ينزلقون لتقول لهم "عليكم تحمل عواقب قراراتكم الاستثمارية".
ايّا كان المخطئ في كل هذه المأساة، فالمواطن من حقه ان يتساءل الان عن مصير أمواله، ومن حقه ان تستمر الحكومة بمتابعة هذا الملف بصورة حيوية لا ان تقف الآن وتقول ان الامر بيد القضاء. فالمطلوب أن تتدخل الحكومة وتتعامل مع هذه القضية باعتبارها ذات أبعاد سياسية واجتماعية.
أكبر الدول واكثرها انفتاحا اقتصاديا تتدخل وتدعم المتضررين في حالات الانهيارات الاقتصادية، ولا ادل على ذلك من الذي قامت به الحكومة الاميركية بعد انهيار عدد من مؤسسات العقار والمال مؤخرا، وقبلها ما فعلته بعد انهيار شركة (ENRON) وهي التي كانت سابع اكبر شركة في اميركا آنذاك.
لا يعقل أن تكون الحكومة مهتمة بإيقاف التسيب دون ان تنظر للضرر الكبير الذي لحق بعشرات الآلاف من الاردنيين، بخاصة انها التي جاءت بشبكة أمان اجتماعي غير مسبوقة في تاريخ الاردن، وفي ظل ظرف اقتصادي أردني يعلم الجميع مدى صعوبته. المسألة ليست من هو المخطئ ومن هو المصيب، المسألة كيف يمكن احتواء الأزمة بما يقلل حجم الضرر.
mohamed.momani@alghad.jo
// الغد //


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد