"عربي" في البيت الأبيض

mainThumb

14-11-2008 12:00 AM

لا شيئ مستحيل في الحلم الأميركي، هذا ما قاله الرئيس الأميركي المنتخب "الأسود" باراك أوباما مزهوا بفرح الإنتصار بالمركز الأرفع في الولايات المتحدة الأميركية وفي العالم، فالرجل حينما قرر خوض السباق الرئاسي في أميركا، كان يعلم بأن لونه سيكون التحدي الأكبر له، ولربما أفادته اللحظة العصيبة التي تمر فيها الولايات المتحدة بعدما تدهورت صورتها في العالم إثر دخولها في حربين في أفغانستان والعراق، هذا من باب، ومن باب آخر إدخالها العالم بأسره في "غيبوبة" إقتصادية بعدما إنهارت مؤسسات مالية أميركية في "وول ستريت" لم تسلم منها حتى بقالة في قرية ما في دولة مثل الصومال مثلا، وهو ما يدفعنا، لربما، الى تصديق "عصفنا الذهني" بأن التغيير المطلوب في أميركا ولأميركا، هو ما أتى بأوما وليس أوباما من أتى بالتغيير، لكننا لا نريد لأي تحليل مها تكن دقته أو قربه من الحقيقة، أن يذهب بنا بعيدا عن الواقع الذي يقول بأن مهاجرا، أو إبن مهاجر من دولة فقيرة هي كينيا الإفريقية، ومن قرية بائسة تدعى "كيغيلو"، أصبح الآن رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. .

في مثل هذه الأيام قبل سنتين، زرت الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدا ولاية نيويورك، وهناك تفاجأت بالكم الهائل من "السود" يعيشون في مناطق وضواحي تكاد تكون محصورة عليهم وعلى بعض العرب ومنها منطقة تدعى "كوينز"، وليس هذا فقط، بل أن الغريب أنك نادرا ما تسمع أشخاصا يتكلمون الإنجليزية التي من المفترض أنها اللغة الرسمية للبلاد، فإذا ما إستقليت حافلة مثلا، فإنك تكتشف أن الناس يتكلمون لغات مختلفة تطغى عليها اللغة "الإسبنيولية" كما هو متعارف عليها هناك، بمعنى اللغة الإسبانية، وأغلب من يتحدث فيها هم الأفارقة الذي قدموا من دول كانت فيما مضى مستعمرات فرنسا الإفريقية، وهذا بكل تأكيد يعكس مدى تزايد المهاجرين الأفارقة في أميركا، وبطريقة ما، يكشف أيضا مدى التغير الذي طرأ على الولايات المتحدة الأميركية منذ إكتشافها وإستقلالها عن المملكة المتحدة في الرابع من يوليو عام 1776، فإن كان هؤلاء كثرة في حافلة الركاب، فلا بد أن يكونوا ايضا كثرة في أغلب المؤسسات الأميركية، وكثرة في النشاط الإقتصادي والسياسي، ولا بد أن يكونوا ايضا ذا تأثير في مواقع كثيرة حتى المواقع المهمة والحساسة منها، وهذا ما أثبته باراك أوباما عندما أصبح رئيسا لأميركا، فالسود إذن لم يكونوا نياما، بل كاتوا متقدي النشاط حتى أثبتوا أنفسهم في البلاد التي أتت بهم يوما من الأيام كعبيد، وأصبحوا الآن سادة القوم هناك. .

الإعلامية الأميركية "السوداء" الأكثر شهرة أوبرا وينفري بكت، وكذا داعية السلام الأميركي "الأسود" جيسي جاكسون لحظة إعلان فوز أوباما، ولعل دموعهما إختصرت حكاية عشرات السنين من النضال منذ أن فجر مارتن لوثر كينغ عام 1956 حركة "اللاعنف" في سبيل تحصيل الحقوق المدنية للسود، فـ "السوداوين" يعلمان تماما بأن فوز أوباما هو ثمرة كل ذلك النضال، ويجب أن تهدى الى روح لوثر كينغ الذي مات بحادثة إغتيال ماساوية عام 1968، وكأنهما يؤكدان ايضا بأن شمس الحرية الحقيقة ليست بمستحيلة في الحلم الأميركي. .

في السنوات الخالية، أو أكثر، كان كثير من العرب يتدفقون على أميركا لأكثر من سبب، ولعل على رأس هذه الأسباب البحث عن الحياة والفرص الأفضل والأغزر في العالم الجديد، وحصل أن تبوأ عرب مناصب مهمة رفيعة مثل محمد البرادعي الذي تولى منصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهناك بكل تأكيد عرب فاعلون في المؤسسات السياسية الأميركية، ولربما كان هناك أمثالهم في الحزبين الأميركيين الرئيسيين، ومن حيث خرج أوباما، لربما يخرج عربي على حين "غفلة" من أميركا ومن العالم، ولربما تحتفل قرية عربية ما كما إحتفلت "كيغيلو"، وما دام الحلم في أميركا ليس "جريمة" فتحقيق مثل هذا الحلم ليس مستحيلا. أو ليس هذا ما قاله أوباما وما أصبح حقيقة؟!
Nashat2000@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد