إلى أين نمضي

mainThumb

14-11-2009 12:00 AM

الكل تأزم وانتفخت أوداجه ونظر شزراً إلى مجاوره، تضايق من وجوده لا يريده، تزاحم المكان في عينيه فليس لغيره مكان، تراجعت الكرة الأرضية في رأسه حتى غدت كالبرتقالة، وضعها في يده وتجبر، اهترأت معتقداته فلم يبق منها إلا كلاما غير مفهوم يردده أحيانا دون وعي عندما يقوم بحركات كان يرى أناسا يقومون بها فاعتادها دون أن يعرف لمن تقدم والى أي شيء تفضي.

رآه الشر تجمع في تمثال، والكراهية تمشي على رجلين لم يستطع النظر اليه لشدة غضبه، تمنى لو أن بيده أداة جبارة تسحقه وتقضي عليه، نسي كل الأعداء في الدنيا وأفرغ عداوته عليه!!

كل بعيد عنه لا يعنيه ولا يلفت نظره، قصر تفكيره كله في جاره.. فالبعيد عن العين بعيد عن مدى التفكير والاهتمام! ومن لا يراه لا يهمه حتى لو كان مصدر أزعاجه!! كيف يكون بخير؟، كيف يعيش في بحبوحة؟ لماذا هو غني وأنا مستور الحال؟ لماذا هو مجتهد وأنا كسول لماذا ينجح وانا أفشل؟ لماذا يقول وأنا أسكت من عي؟ لماذا يقود وأنا أقاد؟!!.

ليس الأمر فقرا أو غنى أو قوة وضعفا، لكن شيئا ما يدور في بلادنا لا تحمد عقباه، أمر يفرق بين المرء وأخيه والجار وجاره والقريب وقريبه.

هي الفردية المغرقة وعدم تفعيل القواسم المشتركة و تقبل الآخر مهما كان قريبا أو بعيدا أو حتى أخا!! فالفردية التي أصبحت ظاهرة في بلادنا وإن ظن ظان أن هناك تجمعات من أشكال معينة سواء أكانت فكرية أو جينية فهي سرعان ما تنهار إذا تركت ولم تهدد من الخارج، وإذا بها هرم من حجارة متنافرة لا يمسك حجر حجرا ولا يسند حجر حجرا، هذا على المستوى العام أما على مستوى الأسرة فالأمر بدأ بالتفكك وكأن الشكل المعروف لأسرتنا بدأ يتلاشى!... ليس هذا من قبيل التيئيس، وإنما من قبيل النظر الى حالنا ونحن مستهدفون في ثقافتنا وفي مقدراتنا جميعا، لكنا لا نفعل شيئا لا على المستوى العام أو الخاص، ونحاول على مدى الأمة أن نتصدى لكل من يهاجمنا لكن دون وعي وبنفس التفكك والفردية التي نتمتع بها بامتياز وبنفس الغيض الذي ينتابنا على من حولنا وقد لا يستند الى شيء مما نعتقد أنا نستند اليه كمرجعية.. الى أين نمضي وهذا حالنا؟!، الى التقدم المبني على تاريخنا وأفكارنا ومعتقداتنا متسلحين بما نملك من مقدرات، أم الى المجهول والفردية القاتلة التي تجعل منا أدوات حقد مقصورة على كل أنفسنا، ونستنفد طاقتنا على التناجش والتناحر والتدابر على مستوى الأفراد والجماعات ولن نقدم لأنفسنا إلا الهدم والتأخر. الأمم التي تريد أن تكون في مصاف الأمم الأخرى، لها سياسات تنفذها على شعوبها منبثقة من حضارتها لتوصلها الى مستقبل ترسمه بيدها، ولا تترك للآخرين العبث بها وتوجيهها حسب مصالحهم، ثم لا تحصل في النهاية الا على الفرقة... أمام المواطن الكثير من الأمثلة على ذلك ولا داعي لذكرها...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد